IMLebanon

ما الذي ينتظره عون من الحريري؟

هي فترة تقطيع للوقت بالنسبة الى «التيار الوطني الحر» حتى انتهاء المرحلة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية.. قبل الولوج في مرحلة الخيارات الأساسية، وعلى رأسها استحقاقَي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب.

لا يبدو التيار متفائلا بقرب الحل، لكنه لا يفاضل بين قانون الانتخابات ورئاسة الجمهورية، مع التسليم بأن العنوانين يتطلبان القدر الاكبر من الوفاق.

ولعل وزير الداخلية نهاد المشنوق قد حاول كسر الحلقة المفرغة مع دعوته قبل أيام الى الاتفاق على قانون للانتخاب في حال تعذر التوصل الى رئيس للجمهورية، وهو ما لا يلقى الموافقة من قبل «التيار» الذي تشير أوساطه الى ان أولوية انتخاب الرئيس لا تطغى على التوصل الى قانون للانتخاب الذي من الممكن التفاهم عليه بغض النظر عن انتخاب رئيس للجمهورية.

لكن أوساطا متابعة أخرى تشدد على مد التيار يده الى زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، وتشير الى ان ثمة تواصلا بين الجانبين قد استهله التيار قبل مدة قصيرة تبعت تفاهم معراب مع «القوات اللبنانية» التي كانت العراب لهذا التواصل. ولعل هذا التفاهم قد أفاد في وصل ما انقطع بين الحريري والعماد ميشال عون اثر مبادرة زعيم «المستقبل» الى ترشيح زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية الى الرئاسة.

وقد شكل استحقاق الانتخابات البلدية فرصة للجانبين للتقارب. وتشير أوساط متابعة الى ان عون، بمبادرته، أراد القول للحريري إن لا خصومة عميقة معه، بغض النظر عما اذا تمكن «الجنرال» من تسييل مبادرته ودفع جماهيره الى التصويت للائحة «المستقبل» أم لا.

لا يطلب «الجنرال» الكثير. هو لا يريد من الحريري إعلانا بالتراجع عن دعم فرنجية. وتشير الأوساط الى ان مبادرة عون قد تمهد المجال الى مبادرة أخرى يقول العونيون انهم ينتظرونها من الحريري الذي باتت الكرة في ملعبه. علماً ان الطريق ليست ممهدة تماما لدى الشارع العوني، وامام «الجنرال» الكثير من العمل في سبيل اقناع شارعه بالتقارب مع الحريري، وهو شرع في محاسبة داخلية لكل من تمرد على قراره بالتصويت للائحة «المستقبل» في انتخابات بيروت. ولسان حال العونيين يقول ان الحريري، ووراءه السعودية، بعد كل ما جرى في الماضي مع قوى «8 آذار»، اعلنا عن ترشيح فرنجية للرئاسة، وهو القيادي الذي يجلس على يمين عون بين القوى الحليفة لـ «حزب الله»، وليس من المستبعد ان يقوم الحريري بمبادرة تجاه «الجنرال» في سبيل كسر حلقة مفرغة تكاد تودي بالبلد.

في المقابل، لا يبدو ان الحريري في صدد التراجع عن تأييد وصول فرنجية الى الرئاسة، كيف لا وهي المبادرة التي أتت بعد مراجعة عميقة اجراها الحريري للمرحلة التي سبقت والتي شابتها خصومة وصلت الى حد العداوة مع فرنجية.

أوساط «المستقبل»، التي تشير الى تضحية قدمها الحريري مع انفتاحه على فرنجية، تستبعد أي «تنازل» قد يقدمه زعيمها الى عون، خاصة على الصعيد الرئاسي. وهي تأخذ بعض الامور بعين الاعتبار، أولها بنظرها، استمرار عون في سياسة التعطيل الرئاسي وعدم انفكاكه من حلفه مع «حزب الله»، المتهم الاول، بطبيعة الحال، بشل البلد، من وجهة نظرهم.

أما بالنسبة الى ترشيح فرنجية، وقول البعض بعدم جدية الحريري اليوم بإيصاله الى الرئاسة، وتعويله على مؤثرات خارجية لم تتضح بعد، خاصة في الميدان السوري، فترد عليها الأوساط «المستقبلية» بالتذكير بالاتهامات التي سيقت للحريري في بادئ الأمر والتي غمزت من قناة عدم تحويله مبادرته تجاه زعيم «المردة» الى الاطار الرسمي، والتي ما لبث الحريري ان دحضها بعد تبنيه ترشيح فرنجية.

اليوم، يتمسك «المستقبليون» بترشيحهم لفرنجية، لكنهم يعلنون، على عكس العونيين الذين يعتبرون ان اللبنانيين قادرون على كسر الفراغ وانتخاب رئيس للجمهورية، ان لا انتخاب قريبا للرئيس قبل انبلاج فجر التسوية على الخط الإيراني ـ السعودي.

أما على صعيد قانون الانتخاب، لا يبدو ان أي طرف سيظفر بالقانون الذي يرغب به. يعارض «المستقبليون» النسبية الكاملة «في ظل السلاح»، وهم عرضوا في السابق نسبة الـ47 في المئة للمقاعد في ظل النسبية في أي قانون مقبل، ويعرضون اليوم «تسوية» ما بين الـ47 في المئة ونسبة الـ50 في المئة.

يؤكد «المستقبليون» ان هذه النسبة هي أكثر ما يمكن لهم القبول به. في المقابل، تشير أوساط «الوطني الحر» الى ان لا مناص من التوصل الى حل وسط بين الجميع على صعيد قانون مختلط للانتخابات. وهم يعتبرون ان التحدي لا يتأتى من نسبة هذه النسبية في القانون، بل مما ستتخذ النسبية على صعيد كل دائرة. وهم يعربون عن تشاؤمهم من إمكانية التوصل الى قانون نسبي «وكل خشيتنا من العودة الى الأصل: قانون الـ60»!