ليس مفاجئاً السؤال الذي طرح على وزير الخارجية الأميركي القادم إلى المنطقة ولبنان، وليس مفاجئاً جوابه الديبلوماسي الخجول، بالتأكيد لا وزير الخارجية الأميركية قادر على تغيير شيء في الواقع اللبناني، ولا الرئيس العماد ميشال عون ووزير خارجيته جبران باسيل سيعدلان عن التحالف مع حزب الله، ما يحمله مايك بومبيو مجرّد ثرثرة كلام لا طائل منه، وأميركا لم ولن تفعل شيئاً لحزب الله!
سبق وسمعنا ثرثرة من بومبيو أمنيات مُضَلِّلة أطرفها كان تعبيره عن آماله بـ»تأسيس تحالف يجمع دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، داعياً دول الشرق الاوسط إلى تجاوز الخصومات القديمة لمواجهة إيران»، عملياً، لا تملك أميركا برنامجاً حقيقيّاً لا لمواجهة إيران ولا حزب الله أيضاً، وبالرغم من كل التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فهو لم يغيّر الأسلوب الأميركي في التعامل مع إيران ـ بصرف النظر عن تمزيقه الاتفاق النووي ـ الاتكال على العقوبات، وللمناسبة العقوبات مفروضة على إيران منذ أربعين عاماً، ومع هذا نمت كنبتة متوحشة وتحوّلت إلى وحش كاسر وأميركا ما زالت تتكل على العقوبات!
الثرثرة الأميركية غير قابلة للصرف لا في لبنان ولا في المنطقة، لأنّ أميركا تبيع المنطقة العربيّة الكلام فقط وتسلب دول الخليج مئات المليارات بحجّة شراكة الدفاع الاستراتيجي، فما الذي ستحصل عليه من بلد عاجز ومفلس مثل لبنان، وما الذي سيسمعه لبنان من بومبيو غير رسالة ضغط وفي أسوأ الحالات تهديد بعقوبات، من المؤسف أن لبنان والمنطقة متروكة لقدر إيراني أعمى يتحكم بها اضطراباً وسيطرة أو على الأقل هزّ الأمن والاستقرار!
تعرف أميركا وسواها أنّ مشكلة لبنان الكبرى ومأزقه الحقيقي هو سلاح حزب الله، ولا معنى لادّعاء الحرص على لبنان وشعبه وإلا لما يغض النظر عن فريق يستقوي بالسلاح ويدين بالولاء لدولة أخرى، ويفرض توجهاته على لبنان المختطف مع شعبه إلى محاور لا ناقة له فيها ولا جمل، هذا واقع حقيقي فرض نفسه على لبنان طوال السنوات الماضية وأميركا والعالم يتفرّجان عليه بهدوء شديد، وسيبقى الأمر كذلك!
هل تحتاج أميركا والعالم يعرفون أكثر من اللبنانيّين أنّ حزب الله لا ينتمي إلى «الأمّة اللبنانيّة» وأنّه يصنّف نفسه بأنّه «أمّة حزب الله» وهذه الأمّة طليعتها في إيران، ولن يرتاح لبنان ويكون سيداً حراً مستقلاً إلا متى انتهى ترديد جملة «لن نترك السلاح» على مسامع اللبنانيّين والعالم، وهذا أمر حتى الساعة يبدو من المستحيلات، في وجود ترسانة صواريخ إيرانيّة جاهزة لإلقاء لبنان في جهنّم من أجل الأجندة الإيرانيّة!
«الكلام الكبير» الأميركي مجرّد جلبة لا تفضي إلى حلول سبق وأعلن بومبيو مطلع هذا العام بأنّ واشنطن ستعمل على اخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا، وطرد آخر جندي إيراني من سوريا»، تهديد «مضحك» جداً، ثماني سنوات من عمر الثورة السورية مضت ما الذي فعلته أميركا؟ لا شيء، سنوات وهي تتفرج من دون أن تمنع التدخل الإيراني في الحرب السورية، ولم تمنع دخول الميليشيات الإيرانية من العراق وأفغانستان وباكستان ولبنان لذبح الشعب السوري، فقط الحمقى هم من يصدّقون الأميركي سواء في وعوده ودعمه وتهديداته!