كان يقال ان الهدف من وراء الحوار تحديد شكل الرئيس الجمهورية ومواصفاته، الى ان تبين ان التمديد قد تم من دون ان تظهر المواصفات وما اذا كانت تنطبق على الرئيس العتيد، والا لما تأخر انتخابه قياسا على كل ما مر من جلسات، لان الامور تقاس بمدى الجدية في المسعى حيث لكل طرف غاية من وراء الحوار لم تتطور بعد الى حد انتخاب الرئيس طالما بقيت الامور عالقة عند حد التحكم بالنصاب لاسيما ان المجلس النيابي مكبل بقرارات سبق القول عنها انها من ضمن تشريع الضرورة الى ان تبين ان الضرورة لا تعني التشريع المزاجي، الذي ساد بعض الجلسات؟!
من هنا ثمة من يجزم مثلا بان جلسة الحوار اليوم الاثنين ستمر كما سبق لغيرها ان مر من غير نتيجة تذكر، حيث لكل جهة وجهة نظر مختلفة لم ولن تصل الى حد انتخاب رئيس للجمهورية والا لن يكون معنى لحوار ولمواصفات من شأن الخوض فيها البحث في جنس الملائكة هذا في حال كانت رغبته في تحديد من هو الرئيس وما هي مواصفاته، بعد طول بحث ما هو مرجو، خصوصا ان ما سبق للرئيس سعد الحريري ان اقترحه بالنسبة الى انتخاب ابرز اركان قوى 8 اذار اي النائب سليمان فرنجية، قد صادف رفضا من جانب حزب الله وحليفه رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون الامر الذي جعل الجميع يدورون في دوامة الحلقة المفرغة (…)
من حيث المبدأ، هناك من يجزم بأن الحريري عمل جهده لتحقيق وجهة نظره بالنسبة الى ترشيح فرنجية، كما يقال الشيء عينه عن فرنجية الذي سعى بدوره لتطوير وجهة نظر حليفه الجديد، في دمشق وعلى مواجهة حزب الله والعماد عون من غير ان يؤدي ذلك الى فتح كوة في جدار الفصل في المشكلة على رغم ما تردد من ان خطوة الحريري قد هددت بحصول شرخ في قوى 14 اذار، في حال كان بحث في عمق العملية وما اذا كانت جدية، لان الامور اوحت وكأن وراء اقتراح الحريري عملية تمويه القصد فيها التشكيك بجدوى التفاهم القائم بين قوى 8 اذار؟
لذا يقال عن فرنجية ان من اقترحه كان ولا يزال يحتاج الى محاولة مختلفة تظهر جدية ورصانة من شأنها افهام البعض ان الرئيس الحريري يصر على تغيير معادلات اللعبة السياسية قبل ان تتطور الامور باتجاه تكريس خلافات بين قوى 14 اذار من شأنها حصول اصطفاف سياسي مختلف يجعل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يغير وجهة نظره باتجاه الوقوف الى جانب انتخاب الجنرال عون على رغم التباين القائم بينهما منذ وقت طويل، وهذا الشيء غير مستبعد في حال امكن لعون جر الكتائب الى موقفه من غير حاجة الى القول ان القوات والكتائب قد تحولا الى ما يشبه التحالف مع حزب الله.
الذين مع وجهة النظر هذه ليسوا قلة، بعدما تبين ان عون رفض فكرة ترشيح فرنجية وليس ما يمنع جعجع من ان يغير وجهة نظره، لانه لم يستشر في اقتراح الحريري، ما يعني ان الامور مرشحة لمزيد من التعقيد، حيث لا بد وان يـظهر المواقف من جلسات الحوار اليوم وكأن الامور تسير باتجاه مختلف تماما عما سبق بالنسبة للمرحلة السياسية الاولى التي قيل عنها انها تكفل انتخاب رئيس بعد التفاهم على مواصفاته وحيثيته السياسية.
ومن الان الى حين عودة القوات الى الحوار، لا بد من تحديد ماهية مرحلة ما بعد الحوار، خصوصا ان مجال انتخاب رئيس جمهورية لم يعد من الامور المتفق عليها باستثناء ما هو وارد في تفاهمات تيار المستقبل فيما هناك من يرى ان المرشح فرنجية يحتاج الى من يحركه في مجال شرح مواقفه من غير ان يعني ذلك انه مطالب بتغيير منهجيته السياسية، مع العلم انه قام بالمطلوب منه عندما زار دمشق وعرض المستجدات مع الرئيس بشار الاسد. كما زار للغاية عينها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والعماد عون من دون ان ينجح في تحديد اطاره السياسي بعد ترشيحه للرئاسة من جانب الرئيس الحريري؟!
ما هو المطلوب اكثر من ان يزور فرنجية الرئيس بشار الاسد والسيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون، ليؤكد لمن يعرفه ان خطه السياسي لا غبار عليه، فيما ترى اوساط مطلعة ان من رشحه رئيس تيار المستقبل يحتاج الى قرار له علاقة مباشرة بإيران نظرا لتشابك الصلاحية بين ما هو داخلي وبين ما هو مرتبط بالاجواء السعودية – الايرانية وهذا حق يراد به فهم المرحلة في ابعادها الدولة؟!