من البلديات إلى قانون الانتخاب.. إلى الرئاسة
تعتبر الاحزاب المسيحية أن هذا الزمن زمانها. تخوض معارك مفتوحة على اكثر من جبهة. من البلديات والمخاتير الى قانون الانتخاب مروراً بفتح ابواب الحوار واعادة تمتين الجسور حتى مع الخصوم المفترضين.
فعلى امتداد الجغرافيا من اقصى الجنوب الى اقصى البقاع والشمال، مرورا حكماً بجبل لبنان، تخوض «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» و «الكتائب» و «المردة».. وحتى «الاحرار»، غمار المغامرات البلدية بحسب حضور كل فريق وانتشاره وحجم تأثيره.
صحيح ان لكل حزب جمهوره وتحالفاته وخطابه السياسي، الا أن سياسيا وسطيا يسأل بجدية عما يفرق كل حزب من تلك الاحزاب عن بعضها. يقول متسائلاً: «هل ما يطمح اليه التيار الوطني الحر من استقلال المدن والبلدات بقرارها البلدي وبحصولها على مستحقاتها، يتناقض مع ما تسعى اليه الكتائب او القوات مثلا؟ هل يمكن لاي حزب منهم ان يكون ضد الانماء المتوازن للمدن؟ وهل يعارض اي منهم اللامركزية الادارية الموسعة؟ مَن مِن تلك الاحزاب لا يشجع النساء على خوض غمار الشان العام؟ من منها لا يتوجه بشكل اساسي الى الشباب؟». يضيف: «اذا اردنا تسييساً اكبر للانتخابات البلدية فإننا نسأل مَن مِن الاحزاب المسيحية لم يخض حروبا ويقدم الشهداء دفاعا عن أقنوم الحرية والسيادة والاستقلال، الشعار المسيحي الاعز؟». ويختم معتبرا ان «كل الحروب التي تخاض اليوم تحت عناوين بلدية ما هي الا اوهام لدى العامة، ومحاولة تكبير حجم كل حزب ليترجمها في انتخابات نيابية او استحقاقات سياسية لاحقة».
لا يجد احد المسؤولين في «القوات اللبنانية» اي حرج في هذا التوصيف او «التهم». فهو يعتبر أن «تفاهم الاحزاب المسيحية على منطلقات جوهرية هي الحرية والسيادة والاستقلال، بديهية تعكس ما يختزنه الوجدان المسيحي في النظرة الى لبنان ودوره ودورهم فيه. ذلك لا يلغي ابدا أحقية الصراع السياسي على الشأن البلدي كما على الشؤون السياسية الاخرى، سواء الانتخابات النيابية او حتى النقابية، او في النظرة الى قانون الانتخاب او غيره». يضيف موضحا: «ليس المطلوب ان نتفق او نختلف على ايديولوجيات كبرى، سقطت في كل العالم. نحن نختلف بالضبط على سياسة البلد وكيفية ادارته لما فيه خير جميع ابنائه، والمسيحيون من ضمنهم».
يلتقي كلام احد المسؤولين في «التيار الوطني الحر» الى حد كبير مع زميله في «القوات»، معتبرا ان «الاختلاف في السياسة لا يعني حكما صراعا ايديولوجيا. فالاحزاب المسيحية بهذا المعنى، تتنافس على كيفية ترجمة فكرها ورؤيتها لادارة الشؤون اللبنانية على مستوى الدولة، وتطبيق الحكم الرشيد، ورسم سياسة خارجية للبلد تنسجم مع دوره وقدراته ورغبته بالحفاظ على اوسع هامش من الحياد والاستقلالية. وانهماكنا بالشأن البلدي بالتوازي مع سعينا الى قانون انتخابي يترجم احترام العيش المشترك والتوازن في البلد، يعكس بدقة مفهومنا للانخراط بكل مفاصل الحياة السياسية والشأن العام ترجمة لمفاهيمنا وقناعاتنا على كل المستويات».
هي الافكار نفسها تقريبا، وان بلغة مغايرة يؤكد عليها مسؤول شاب في حزب «الكتائب». وبعد تسجيل اعتراضه على تسمية «الاحزاب المسيحية» منطلقا من أن «ظروف البلد وتقسيماته فرضت مثل هذه التوصيفات والانقسامات المؤسفة على الاحزاب»، يؤكد أن «الصراع بين ما يُسمى احزاب مسيحية ليس صراعا مسيحيا ولا حتى صراعا على السلطة، وان كان الاخير مشروعا. جميعنا نؤمن بنهائية الكيان اللبناني وحريته وسيادته ووجوب بسط سلطة الدولة على كل اراضيه، لكننا نختلف حكما في كيفية تطبيق ذلك. واكثر ما يتجلى ذلك ربما في الاسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية. فنحن، التزاما بقناعتنا بوجوب حصرية السلاح بيد الاجهزة الامنية اللبنانية، وهو ما يعني سلطة الدولة بشكل مباشر، لا يمكن ان نوافق على مرشحي الاحزاب المسيحية الثلاثة المذكورة لرئاسة الجمهورية. وهذا ليس تفصيلا بسيطا.. ويمكن قياس عشرات الامثلة المشابهة».