IMLebanon

ما يجمع دار الفتوى وبكركي .. لا تفرّقه الفٍتن

 

قبل 48 ساعة من القمة الروحية الإسلامية – المسيحية التي ستعقد في بكركي، اجتمع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان والمناسبات عدّة: أولاها التهنئة والثانية الهموم المشتركة والثالثة التحضير للقمة والرئاسة أحد أهم بنود بيانها. 

قبل القمّة، ومع تراكم الأحداث الأمنية وتواترها من داخل الحدود وخلفها، ومع الانقسام العمودي في التوجّه السياسي بين القوى السياسية الداخلية ورؤيتها لضرورة انتخاب رئيس للجمهورية أو إطالة عمر الفراغ، يأتي اللقاء بين المرجعيتين الوطنيتين اللتين تجمعان طائفتين كبيرتين لا مكان للحديث عن الطائفية أو الفتنة، فكلاهما يعوّل على الوحدة والتضامن والعيش المشترك مع التشديد على حاجة كل طائفة الى الأخرى.

لقاء البطريرك والمفتي ليس الأول ولن يكون الأخير ولكنّه يأتي في ظروف استثنائية يعيشها لبنان السائر من دون قبطان. وتشرّع زيارة البطريرك للمفتي الباب واسعاً أمام زيارات مماثلة بين الطوائف لـ«كبح» تفلّت الفتنة في الشوارع وحصر السجالات والنقاشات في الهموم الوطنية الجامعة. كيف يقوّم الأمين العام للجنة الحوار الإسلامي- المسيحي الدكتور محمد السمّاك أبعاد هذه الزيارة؟ وكيف يقرأ عضو اللجنة حارث شهاب أبعادها؟

من ناحيته، ينطلق السماك من أن الزيارة تأتي في إطار التهنئة، ويوضح «اللقاء يأتي في إطار التحضير للقمّة الروحية التي ستُعقد غداً الخميس، والكلمات التي تبادلها غبطة البطريرك مع سماحة المفتي تأتي في إطار الثوابت الوطنية الإسلامية – المسيحية، وفي مقدّمتها داخلياً عملية انتخاب رئيس للجمهورية، لأن الدولة بلا رئيس ستبقى مفككة».

ووصف السمّاك اللقاء بـ«المهمّ لأنه يسبق القمة الروحية التي سيصدر عنها بيان يؤسس لموقف إسلامي-مسيحي موحّد ممّا يجري في المنطقة وليس فقط في لبنان». ويشير الى أن «التوافق الإسلامي – المسيحي هو موقف سينعكس من لبنان على المنطقة إيجابياً بدلاً من أن ينعكس الموقف السلبي في المنطقة على لبنان سلبياً».

من جهته، نوّه حارث شهاب بالمواقف التي أطلقها كل من البطريرك الراعي والمفتي دريان، ولفت الى أن عبارات كثيرة رسخت في ذهنه وتركت في نفسه أثراً عميقاً يحث المسؤولين والشعب معاً على تحمّل المسوؤلية. ورأى أن زيارة الراعي «تفتح الباب أمام تصويب الأمور واستعادة لبنان للدور الذي اعتاد أن يلعبه من حيث الاعتدال».

وتابع «لقد رسخ في ذهني الكثير ممّا قاله المفتي دريان خصوصاً ما قاله عن علّة وجود لبنان الذي لا يمكن أن يكون لفئة دون غيرها ولا أن يتنكّر لمبدأ العلاقات الجيّدة والعيش الواحد المسيحي – الإسلامي مع الجوار، فقد تحوّل لبنان الى نموذج في العالم». ولفت الى «تمسّك المفتي دريان بدور المسيحيين في الشرق وتأكيده أن المسيحيين هم في أساس تكوين الشرق وتاريخه وحضارته، فلا يمكن التخلّي عن حضارته ولا يمكن للشرق أن يستمرّ من دونهم».

وعن الاختلاف الذي تحدّث عنه المفتي، اعتبره شهاب «حقّا مشروعاً ولكن هذا لا يمكن أن يؤدي الى غلبة صوت في لبنان على آخر، وفي ذلك تأكيد لأهمية الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لمواجهة الأخطار». ولمن هي موجّهة هذه المواقف؟ أإلى الشعب أم الى المسؤولين؟ يشرح شهاب «الشعب بدأ يشعر بالخطر اليوم خصوصاً بعدما كان يردّد بأن مجتمعه محصّن، كنا نائمين على أمجادنا، ولكن اليوم لاحظنا أن المخاطر تطال الشعب»، وعلّل شهاب ذلك بأن «الدولة أحجمت عن ممارسة دورها في إيجاد حلول لكل المشكلات، وعجزت عن توحيد الكلمة وأن تخلق التضامن والوحدة على مستوى الشعب».

وشدّد على أن «مسؤولية السياسيين كبيرة ومسؤولية الشعب أيضاً، والطبقة السياسية لم تكن بالمستوى المطلوب والمجتمع كان أكثر وعياً من الدولة، ولكن تقاعس الدولة أسقط بعضاً من حصانة المجتمع، فالمسؤولون لم يلاحظوا قدوم ألسنة النار الى لبنان قبل أن تصل». وختم شهاب مستعيداً كلمتين من خطاب المفتي «الوحدة والتضامن، فالوحدة وحدة الموقف والنظرة للأفق، والعمل أساسه التضامن بين مختلف فئات الشعب وإن لم نشعر جميعنا بخطورة الموقف وتركنا المركب يرتطم بالصخور فإننا سنغرق كلّنا معاً».