يشكّل الحصار الاقتصادي التحدي الأبرز الذي تواجهه القيادة السورية في هذه المرحلة، بعد تقلّص مساحة الحرب العسكرية وتمكّن الجيش السوري من استعادة السيطرة على الجزء الاكبر من الارض. هذا ما استنتجه مَن تَسنّى لهم لقاء الرئيس بشار الاسد أخيراً، ومن بينهم أحد مسؤولي حركة «أمل».
إنعقد في دمشق الاسبوع الماضي الملتقى النقابي العمّالي الدولي للتضامن مع سوريا في مواجهة الحصار الاقتصادي والارهاب، في حضور نحو 150 وفداً من أنحاء مختلفة من العالم، يمثّلون هيئات نقابية ومنظمات شعبية مناهضة للسياسات الاميركية.
وشارك في الملتقى المسؤول في حركة «أمل» ونائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، على انّ اللافت كان حضور وفود أميركية وفرنسية وتركية مُناهضة لنهج حكوماتها في التعامل مع الأزمة السورية.
والتقى الرئيس الاسد في قصر المهاجرين بالمشاركين، الذي ناقشوه في الملفات والتحديات التي تستحوذ على اهتمام دمشق حالياً. وتوقّف بعضهم، أثناء دخولهم، عند الحراسة العادية جداً أمام مدخل القصر الواقع على مقربة من الاحياء السكنية، في ما بَدا انها إشارة رمزية الى انخفاض منسوب المخاطر واطمئنان القيادة السورية الى الواقع الامني.
وقبل أن يدلي الأسد بدلوه، إستمع الى مداخلات عدد من الحاضرين، ومن بينهم فقيه، الذي أشاد بدور سوريا في «منع تمزيق النسيج الوطني اللبناني»، متوقفاً عند «الموقف الذي اتخذه السيد الوالد (حافظ الاسد) عام 1976، وقضى بمنع تهجير المسيحيين»، ولافتاً الى «انّ هناك محاولة الآن لتمزيق نسيج المنطقة الذي يتميّز بتنوّعه».
كذلك، استعاد فقيه دور سوريا في «الدفاع عن بيروت وعروبة لبنان عام 1982، ودعمها للمقاومة واللبنانيين في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه، حتى تحقيق النصر عام 2000 وطرد العدو من معظم الجنوب والبقاع الغربي»، معتبراً انه بعد 8 سنوات من الاستهداف «لا تزال سوريا منيعة وقوية»، مهاجماً «أعداء الدين الذين شَوّهوا مفاهيمه الحقيقية بارتكاباتهم».
وأشار ممثل مصر الى أنّ «هجمة الاخوان المسلمين علينا في مصر هي امتداد للهجمة التي تعرضت لها سوريا ولا تزال»، معتبراً انّ «الاخوان متآمرون على الاسلام».
وشَنّت رئيسة الوفد الاميركي حملة على سياسات الادارات الاميركية التي «لا تَحلّ في مكان إلّا وتخربه»، فيما هاجم رئيس الوفد التركي سلوك رجب طيب أردوغان.
وشدّد ممثل الاتحاد الروسي على انّ «ما يجري في سوريا هو صراع بين الحق والباطل، وكان من الطبيعي ان نقف الى جانب الحق ضد الباطل».
وكان لافتاً قول رئيس الوفد الموريتاني للأسد: «كنتُ أتوقّع أن أرى دكتاتوراً، فإذا بي أجد شخصاً مختلفاً».
وتفيد المعلومات أنّ الأسد شدّد على انّ «الحرب التي تعرضت لها سوريا تندرج أساساً في إطار استهداف اقتصادي للمنطقة وثرواتها وممراتها ونفطها»، قائلاً: «لا تصدقوا أيّ شيء آخر. معظم الحروب هي في جوهرها اقتصادية، وما حصل عندنا لا يخرج عن هذا السياق».
ولفت الى انّ «سوريا تتعرض لحصار قاسٍ، ولكننا نحاول ان نَتكيّف معه ونخفّف من وطأته قدر الامكان»، مشيراً الى أنّ «الدولة السورية استمرت، في أصعب الظروف وأحلكها، تؤمّن الطبابة والخبز والرواتب والمحروقات لجميع المواطنين في كل المناطق، حتى تلك التي كانت تواجه واقعاً استثنائياً».
وقال: «كلما حقّقنا نصراً ميدانياً على الارض تشتد الضغوط الاقتصادية علينا»، مُشدداً على «إمكان تقطيع هذه المرحلة الصعبة وتجاوز الازمة الراهنة بجهد الدولة والناس وبالتكاتف مع الحلفاء والاصدقاء».
ووصف الوضع الاقتصادي بأنه «صعب، إلّا اننا سنصمد وشعبنا صابر، وقراره هو أن ينتصر»، مشدداً على انّ «سوريا لن تبدّل موقعها، وبالتالي ستظل داعمة لخيار المقاومة والممانعة».
وأكد انّ إنهاء الحرب العسكرية «أصبح مسألة وقت ليس إلّا»، لافتاً الى أنه راهَن منذ البداية على انّ سوريا ستبقى واحدة وموحّدة، «ونحن حريصون على بقائها، وبالتعاون مع كل الشرفاء، ولن نتنازل عن شبر واحد من ترابها، أيّاً تكن أوهام تركيا او غيرها».
ورأى الأسد أنّ «من أسباب استهداف سوريا تَمسّكها بثوابتها المبدئية، خصوصاً لناحية الوقوف الى جانب المقاومة وقضية العرب الاولى المتمثلة في القضية الفلسطينية»، مؤكداً انّ دمشق تُقدّر عالياً «ما فَعله الشرفاء في المنطقة ممّن ساندونا في مواجهة الحرب التي شُنّت علينا».