Site icon IMLebanon

ماذا ينتظر “التيار” و”القوات” لانتخاب رئيس تنطبق عليه مواصفات ورقة “إعلان النيات”؟

بعد مرور 18 شهراً على شغور سدة الرئاسة بات من حق الناس أن يعرفوا من هو المسؤول عن ذلك ليكون حسابه عندهم وعند الله والوطن والتاريخ. فإذا كانت إيران هي وراء هذا الشغور فإن لكل دولة الحق في أن تتصرّف بما يخدم مصالحها وأن تكتفي بدعوة اللبنانيين الى الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية من دون أي تدخل خارجي… وإذا كان “حزب الله”، نظراً إلى ارتباطه بإيران، ينتظر كلمتها في موضوع الاستحقاق الرئاسي، فماذا ينتظر العماد ميشال عون وإلى متى يظل ينتظر ليقول كلمته ما دام يؤكد أنه غير مرتبط بأي خارج، خصوصاً بعدما اكتفى “حزب الله” بإعلان تأييد ترشيحه للرئاسة الأولى، لكنه امتنع في الوقت نفسه عن حضور الجلسة المخصصة للانتخاب ليقوم تنافس بينه وبين مرشح آخر وننتظر النتيجة. أليس مطلوباً من العماد عون بعد مرور 18 شهراً على الشغور الرئاسي أن يقول كلمته الحاسمة في الموضوع فيكون له الفضل وليس لسواه، سواء في الداخل أو في الخارج، في إخراج لبنان من أزماته التي بدأت مع أزمة الانتخابات الرئاسية وقد لا تنتهي بانتهائها؟

الواقع أن لا أحد يشكّك في شعبية العماد عون وتمثيله بيئته ومجتمعه تمثيلاً صحيحاً، ولكن الدستور لا ينصّ على انتخاب المرشح الأكثر شعبية بل الأكثر تأييداً من الأكثرية النيابية كي يفوز بالرئاسة، وإلا كان المرشحون الأقوياء شعبياً هم وحدهم من يحق لهم الترشح للرئاسة، ولما كان فاز في الماضي بالرئاسة من يمتلك أكثرية نيابية لكنه لا يمتلك أكثرية شعبية.

لذلك فإن السؤال المطروح هو: ماذا ينتظر العماد عون ومن ينتظر ليقول كلمته الحاسمة في الانتخابات الرئاسية ولا يكون مسؤولاً عن استمرار الشغور الرئاسي إلى أجل غير معروف، وهو الذي يستطيع بحضوره مع نوابه تأمين النصاب لجلسة الانتخاب؟

لقد بات مفهوماً ومعلوماً أن لا حظوظ بالفوز لأي مرشح من 8 أو من 14 آذار وصار لا بد من البحث عن مرشح يحظى بتأييد هذين التكتلين الكبيرين والاتفاق عليه، أو جعل مجلس النواب ينتخب من يشاء من بين مرشحين معلنين وغير معلنين ليفوز من ينال أصوات الأكثرية المطلوبة. وماذا ينتظر عون ومن ينتظر ليقول كلمته بعدما بات حل الأزمة الرئاسية يتوقف على كلمة منه وإلا تحمّل مسؤولية تعطيل النصاب بالتغيّب المستمر عن جلسات الانتخاب من دون عذر مشروع؟ فإذا كان ينتظر التطورات في المنطقة وانتصار إيران في سوريا، فإن هذه التطوّرات، أياً تكن نتائجها، لن تأتي إلا برئيس مستقل للبنان، أي رئيس وفاقي وتوافقي يستطيع العماد عون أن يكون مشاركاً أساسياً في اختياره. وإذا كان ينتظر كلمة روسيا بعدما أصبحت ناخباً للرئيس في لبنان، فإنها أعلنت غير مرة أن لا رئيس للبنان إلا توافقياً، وإذا كان من تفاهم عربي وإقليمي ودولي فهو على مثل هذا الرئيس.

لقد حددت ورقة “إعلان النيات” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” مواصفات رئيس الجمهورية، فلمَ لا يبحث الحزبان عن المرشح الذي تنطبق عليه هذه المواصفات لإخراج لبنان من أزمته الرئاسية التي ولدت أزمات أخذت تنعكس سلباً على سير المؤسسات وبخاصة على الأوضاع الاقتصادية والمالية وربما على الاستقرار السياسي في البلاد، وهو استقرار ما كان ليدوم لولا التقاء الارادة اللبنانية مع الإرادة الاقليمية والدولية، بل كان اهتزاز انعكس سلباً على الأوضاع الأمنية، فأزمة الانتخابات الرئاسية كلما طالت فإن الازمات الناجمة عنها تتفاقم، والمسؤول هو من يكون في يده قرار الحل ويمتنع عن اتخاذه لأسباب لم تعد مقبولة لدى الناس على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم.

إلى ذلك، يمكن القول إن من يستطيع بحضوره جلسة انتخاب رئيس الجمهورية تأمين النصاب ولا يفعل هو المسؤول عن استمرار الأزمة وعن كل أزمة تولدت منها. فيكفي أن يتأمن النصاب ليصير انتخاب رئيس للجمهورية، سواء حصل اتفاق وتوافق على هذا الرئيس أو لم يحصل، ولتأخذ اللعبة الديموقراطية مداها ودورها كما في كل انتخابات سابقة. ولا حاجة عندئذ إلى انتظار كلمة هذا الخارج أو ذاك لتأمين النصاب أو لاختيار هذا المرشح أو ذاك للرئاسة. ففرصة “لبننة” الانتخابات الرئاسية لا تزال سانحة إذا قرر المقاطعون حضور الجلسة ولا سيما منهم العماد عون ونواب كتلته لأنه يستطيع اتخاذ قراره الحر من دون انتظار أي خارج ليسجل له التاريخ هذا الموقف الوطني ويشكره شعب لبنان العظيم على عمله. فإذا كان في استطاعة معطلي الانتخابات الرئاسية الانتظار طويلاً فإن لبنان لم يعد يقوى على هذا الانتظار. وإذا كانت كل القوى تجمع على القول بأن انتخاب رئيس للجمهورية هو مفتاح حل كل الأزمات فماذا تنتظر لانتخابه؟