يدور همس في دوائر دبلوماسية ضيّقة، أن الولايات المتحدة الأميركية بدأت البحث في مرحلة ما بعد الأسد في سوريا، خصوصاً بعد سيطرة الجماعات المسلحة على محافظة إدلب التي تُشكّل مفتاح صمود النظام في حلب.
وتتحدّث تقارير غربيّة أن ضبّاطاً من المخابرات الأميركية يتواصلون مع ضبّاط علويّين في دمشق لإلتماس مدى استعداد الأقلية العلويّة القلقة من نتائج الحرب المدمرة، للتحرّك ضد رئيسها. وتُلمّح الى أن من الممكن أن تلعب موسكو دوراً في المساهمة في تنظيم إنقلابٍ أبيض ودفع الرئيس بشار الأسد الى القبول بالأمر الواقع.
وكان اجتماع باريس في 2 حزيران الجاري، والذي استضافه الأميركيون والفرنسيون لشركائهم في التحالف الدولي ضد «الدولة الإسلامية» قد بحث مع عدد من الدول الخليجية في أطر المفاوضات الممكن إجراؤها حول سوريا، وشكل التسوية السياسية التي يمكن الوصول اليها في نهاية المطاف. وكان هناك إجماع على أن الخطوة الأولى للحل السياسي يجب أن تنطلق من إزاحة الأسد.
ولكن ما الذي أملى على واشنطن وموسكو ان تعتبرا أن الوقت أصبح ملائماً لفرض تسوية في سوريا؟
إن سقوط محافظة إدلب في تحليل خبراء الأركان العسكريين واستناداً الى مشاهدات التقطت من أقمار صناعية، شكّل نقطة تحوّل في مسار الحرب المعقّدة والمتعدّدة الأطراف والأهداف على الأراضي السورية التي انحصر وجود النظام السوري فيها الى أقل من 25 في المئة من المساحة الجغرافية.
ِ
زِد أن المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا وقطر تتحرك من الشمال، فيما المسلحون المدعومون من السعودية والأردن يضغطون من الجنوب في اتجاه دمشق، إضافة الى أن المسلحين يهدّدون الساحل من الشمال والشرق، فيما باتت «داعش» تُركز على منطقة حمص وحماه علاوة على معاركها شمالاً.
غير أن هذه التحوّلات على أهميتها العسكرية والسياسية، لا تعني أن النظام السوري آيلٌ الى السقوط غداً، ولا أن واشنطن متحمّسة لتغييره سريعاً، وهي تدرك تماماً أن العلويّين يقاتلون حتى الموت، لأن القضية بالنسبة اليهم أزمة وجود وبقاء، وأن الإنقسامات بين القوى والتنظيمات المسلحة عميقة جداً، ولا تضمن نهاية لسفك الدم حتى بعد سقوط النظام.
أما ميدانياً، فقد تمكّن النظام بدعم «حزب الله» من الحفاظ على الممرّ من البقاع الى دمشق وحمص وحماه تواصلاً حتى الساحل السوري، غير أن الحفاظ على هذه الخطوط سيكون هشّاً ومعرضاً للعمليات.
في الخلاصة، عاد البحث يدور حول فكرة قديمة جديدة محورها تغيير النظام وليس سقوط النظام، بعدما ترسّخت قناعة القوى الدولية المؤثرة في أن النظام، وإن لم يكن على حافة خسارة مناطقه الرئيسية، يحتاج الى تعزيزات هائلة تفوق أضعاف ما تدعمه بها إيران، لتقلب الأمور رأساً على عقب.
ولكن هل تصل هذه المشاريع الى نتيجة؟… هذا أمر آخر تماماً.