كثُر الحديث في الأيام القليلة الماضية عن تحرّكات الإرهابيين في القلمون على الحدود اللبنانية. فما هي أهدافهم ومخططاتهم، وهل في إمكانهم شنّ عمليات عسكرية واحتلال مدن أو قرى لبنانية في المستقبل القريب؟
أولاً – تؤكد تقارير إستخباراتية خارجية أن مسلّحي «داعش» والنصرة على حدود لبنان الشرقية ضعفاء، تنقصُهم القوة والعديد البشري والإمدادات، ما يمنعهم حكماً من شنّ أي هجوم عسكري كبير في اتجاه لبنان، على غرار ما فعلوا في العراق.
ثانياً – لا يستطيع المسلّحون في القلمون السوري الحصول على دعم من معاقل رفاقهم في شرق سوريا، لأن قوات النظام السوري و«حزب الله» تفصل في ما بينهم وتشرف عن كثب على كل الطرق الرئيسة التي من الممكن أن تُستخدم لنقل الدعم إلى القلمون، ليس لأهداف دفاعية عن الحدود اللبنانية في المطلق، ولكن لأهداف استراتيجية تتعلق في الحرب السورية، وتحديداً في منع حصار دمشق مجدداً، وتهديد النظام عسكرياً إذا ما تمكن المسلّحون من التمدّد داخل سوريا في اتجاه القلمون.
ثالثاً – يتعرّض الإرهابيون في القلمون إلى ضغط عسكري متواصل من قوات النظام ومقاتلي «حزب الله»، وفي المقابل، هناك تحصينات وحواجز للجيش اللبناني و»حزب الله» من الجهة اللبنانية، ما يُضيّق على الإرهابيين حرّية الحركة والقدرة على الهجوم والمبادرة.
رابعاً – إلّا أنّ المسلحين يستفيدون من طبيعة الأرض الجبلية الوعرة والواسعة للإختباء ونصب المكامن وشنّ حروب العصابات ضمن مجموعات صغيرة، خصوصاً بعدما سحب النظام السوري عدداً من تشكيلاته المقاتلة لإعادة نشرها في أماكن أخرى من سوريا.
أما من الجهة الغربية، فعلى رغم كل الإجراءات اللبنانية، فإن عدداً من المسالك والممرّات ما زال متاحاً للإرهابيّين للتزوّد بالإمدادات والمُؤن، بسبب طبيعة المنطقة في الدرجة الأولى.
خامساً – يُركّز الإرهابيون جهودهم في المرحلة المقبلة على البقاء أحياء خلال العواصف والثلوج، وهذا ما يتطلب بشكل أساسي تأمين وصول الإمدادات إليهم. لذا من المتوقّع أن يواصلوا شنّ هجمات مباغتة من حين إلى آخر في أماكن مختلفة على الحدود لمنع عزلهم، ولإلحاق الخسائر في صفوف محاربيهم.
سادساً – تشير التقارير إستناداً إلى معلومات جمعتها أقمار صناعية أن أعداد الإرهابيّين في القلمون لا يتجاوز الثلاثة آلاف مسلّح، وهم منتشرون في منطقة جغرافية واسعة، وبالتالي لا يستطيعون السيطرة على أي بقعة داخل لبنان والبقاء فيها فترة طويلة، في مواجهة الجيش اللبناني. إلّا أن هذا الواقع لا يمنع أن يشن الإرهابيّون حروب عصابات ونشر مكامن والإنسحاب سريعاً إلى مواقعهم ومخابئهم.
سابعاً – يُعوّل الإرهابيون على تحريك خلايا نائمة في طرابلس وعكار على رغم الضربة القاسية التي وجّهها الجيش والأجهزة الأمنية الى الخلايا المتناغمة مع «داعش» في الشمال في الفترة الماضية، وإمكان إيجاد بيئة حاضنة لهم للقيام بعمليات أكبر داخل لبنان. وهذا ما ليس متوافراً أيضاً.