يوماً بعد يوم يتبيّـن أنّ أميركا حقيقة لا تريد حلاً في سوريا إلاّ بعد تدميرها بالكامل، والأهم نجاح الفتنة السنّية – الشيعية التي خطط لها رئيس خارجية أميركا هنري كيسنجر بعد حرب 1973، إذ شعر أنّ المستقبل لن يكون في مصلحة إسرائيل فهناك إمكانية أن يتفق العرب مع بعضهم البعض كما حدث في حرب تشرين 1973 عندما اتفقت مصر وسوريا مع السعودية والاردن والمغرب وشكلوا جيشاً مشتركاً.
مشروع الفتنة الذي خطط له هنري كيسنجر تمثل بكل بساطة بأنه جاء برجل دين شيعي إسمه آية الله الخميني وخططوا له ونقلوه من العراق حيث كان هارباً من طهران أيام الشاه الى باريس ورتبوا أوضاعه وهيّأوه ليعود الى طهران بعد خلع الشاه في ثورة دينية عنوانها ولاية الفقيه وحمل عنوان «التشيّع» وتصدير الثورة الدينية…
طار الشاه وجاء آية الله الخميني وما لبث أن خطط خلال سنة واحدة لحرب على العراق تحت شعار تصدير الثورة الدينية وتشييع أهل السُنّة في العراق، وهكذا نشبت حرب بين صدّام حسين حاكم العراق وهو معروف بأنّه مجنون ويتطلع الى الوصول لأن يكون أكبر زعيم في العالم العربي… وهكذا نشبت حرب دامت 8 سنوات.
كان الوضع المالي في العراق قبل الحرب فائض 180 مليار دولار في خزينة الدولة العراقية ولكن بعد 8 سنوات طار الفائض وطار معه ما دفعته السعودية والكويت ومعظم الدول الخليجية وخسرت الدولة العراقية المليارت وأصبحت مدينة بـ500 مليار دولار وكلفت الحرب مع إيران 800 مليار دولار.
لم يكتفِ صانعو الفتنة بالحرب بين الدولتين الاسلاميتين بل طبعاً اتكلوا على جنون صدّام حسين الذي غزا الكويت ما أدى الى مجيء القوات الاميركية وقوات التحالف الدولي لأول مرة الى المملكة العربية السعودية تحت شعار تحرير الكويت.
تلك المعارك كلفت الكويت والمملكة العربية السعودية والعراق 1000 مليار دولار.
ولم تكتفِ أميركا بل ذهبت بعيداً بعد عملية 11 أيلول 2001 التي اتخذتها ذريعة للحرب على الإسلام وتحديداً على «القاعدة» وهم من أهل السُنّة المتطرفين الذين اسّستهم أميركا تحت شعار محاربة الشيوعية في أفغانستان، فشنّت أميركا الحرب واحتلت أفغانستان بذريعة القضاء على «القاعدة»، وبالمناسبة فإنّ أفراد عائلات زعماء «القاعدة» هربوا الى إيران وكانوا يتنقلون بين طهران ودمشق تحت شعار أنّ أسامة بن لادن متزوّج من سيدة سورية من ريف اللاذقية.
وأيضاً لم تكتفِ أميركا باحتلال أفغانستان بل قررت احتلال العراق وهذا ما حصل في عام 2003 عندما علم صدّام بنيّة أميركا من غزو العراق جاء بجماعة «القاعدة» وتحديداً أبو مصعب الزرقاوي لكي يخيف الاميركيين، ولكن الرئيس جورج بوش الابن كان مقرراً أن يغزو العراق تحت حجة تدمير أسلحة الدمار الشامل أولاً، وإرساء الديموقراطية في العراق ثانياً، والقضاء على «القاعدة» ثالثاً، طبعاً لم يجد الرئيس بوش أسلحة دمار شامل في العراق ولم تتحقق الديموقراطية وأكبر دليل على ذلك عندما نجح في الانتخابات النيابية ولأول مرة في العراق د. أياد علاوي فعيّنت واشنطن نوري المالكي الذي سقط في الانتخابات.
اليوم وبنظرة سريعة نرى أنّ العراق تدمّر وحصلت إيران على جائزة تحكم فيها العراق وتحضره للتقسيم.
كل هذا من أجل الفتنة السنّية الشيعية، ولكي يتحقق كامل الفيلم جاء دور سوريا، فعندما يقول آية الله الخامنئي إننا نسيطر على عواصم اربع دول عربية، سوريا والعراق ولبنان واليمن، يكون موغلاً في الفتنة.
ولو أراد الأميركيون أن تنتهي الحرب في سوريا لكانوا فعلوا بكل بساطة يوم جاءت الأساطيل لتدمير الاسلحة الكيميائية السورية وتوقفت من دون سبب حقيقي تحت حجة أنّ روسيا طلبت من أميركا أن تفوّضها بنقل جميع الاسلحة الكيميائية وهكذا توقفت الحرب التي كانت ستؤدي الى القضاء على نظام الاسد وإعطاء فرصة للشعب السوري لأن يحكم نفسه تحت شعار الحرية والديموقراطية.
ولنا عودة الى هذا الموضوع غداً…