سؤال يطرح نفسه ألا وهو لماذا هذا الاهتمام غير الطبيعي من قِبل جماعة إيران في لبنان بالهِبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني؟ وهو ما أصبح يومياً.
المرّة الأولى: كانت تشكيكاً بأنّ السعودية غير جدية بالهِبة وأنّه بسبب وفاة المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد تلغى الصفقة.
المرة الثانية: القول إنّ هناك عمولات وراء الهِبة وانّ القيادة الجديدة في المملكة سوف توقفها ولن تمشي بها.
المرة الثالثة: انّ هناك تأخيراً بسبب أنّ الحرب في اليمن قد تسببت بهذا التأخير وربما بالإلغاء.
المرة الرابعة: المملكة مختلفة مع فرنسا بسبب سعر صرف اليورو على الدولار.
أقوال كثيرة بعضها لا يدخل في باب المعقول، وفي ضوء هذا التشكيك يمكن استنتاج الآتي:
أولاً- «حزب الله» لا يريد أن يكون في لبنان قوة عسكرية غيره ولا سلاح غير سلاحه.
ثانياً- يدّعي الحزب أنّه يحمل السلاح ليعوّض الخلل الناجم عن عدم توفير السلاح المناسب للجيش، وبالتالي فهو وحده، أي الحزب، القادر على تحقيق الدفاع عن لبنان، وأنّه من هذا المنطلق حمل السلاح.
ثالثاً- مشكلة الجيش اللبناني أنه، دائماً، لديه نقص في السلاح،
وبسبب وضع الخزينة المعروف وضحالة الإمكانات كان هذ البلد يعاني دائماً.
رابعاً- صحيح أنّ واشنطن تمد الجيش بمساعدات ولكنها في معظمها لا تؤمن للجيش القدرة والفاعلية المطلوبتين ليصبح قادراً على الوقوف في وجه إسرائيل، وهذا أمر محظّر كلياً في واشنطن، فالتوازن بين أي جيش في المنطقة والجيش الاسرائيلي ممنوع، وتحرص واشنطن على أن تبقى إسرائيل متفوقة عسكرياً على جيرانها.
خامساً- لا شك في أنّ مبادرة الملك الراحل عبدالله والتي جاءت بالمصادفة خلال زيارة الرئيس ميشال سليمان الذي عندما سأله خادم الحرمين عن الجيش اللبناني وأسباب عدم بسطه سيادة الدولة على كامل أراضيها… وكان الرئيس سعد الحريري موجوداً مع الرئيس سليمان فتدخل شارحاً الموضوع على حقيقته في هذه النقطة، وبعفوية وعروبة الملك عبدالله وانتصاره للقضايا العربية أمر بشراء أسلحة من فرنسا للجيش اللبناني بهبة قيمتها ثلاثة مليارات دولار.
والمشكلة بالنسبة للتسليم أنه لا يوجد في المخازن الفرنسية فائض أسلحة تستطيع الإستغناء عنه، وعندما تريد أن تبيع فتوصي بتحديد نوعية السلاح المطلوب لتصنيعه ثم يأتي التسليم، على عكس الولايات المتحدة الأميركية حيث الاسلحة جاهزة للتسليم الفوري.
هذه النقطة مهمة وهي تفسح في المجال أمام الأخذ والرد.
سادساً- إنّ الحملة التي أشرنا إليها في مطلع هذا الكلام هي سياسية لعلّ وعسى أن تتراجع المملكة عن هذه الهِبة نتيجة التشويه المتعمّد حول هذه الهِبة… لأنّ سياسة السعودية كانت دائماً سياسة هادئة بعيدة عن الأخذ والعطاء وكثرة الحكي.