Site icon IMLebanon

ماذا تريد إيران؟

 

السؤال البدهي الذي يطرح ذاته مع المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وسوريا هو، بكل بساطة، لماذا استبقت إيران زيارة وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون بالإعراب عن إرادتها توجيه رسالة الى واشنطن مفادها أنّ لا حلّ في المنطقة إلاّ من خلال طهران! وفي هذا السياق يمكن إدراج التصرفات والمواقف الكلامية والميدانية التي صدرت عن الجانب الايراني في الأيام، بل الساعات، عشية الزيارة التي كان للبنان نصيب منها يوم الخميس الماضي قبل أن ينطلق منه الى الأردن وتركيا.

 

والسؤال الثاني الذي يطرح ذاته: كيف بدأت عملية التصعيد العسكري في الأيام  الأخيرة؟

يجيب مصدر ديبلوماسي كبير بأنّ إيران أرسلت الطائرات من دون طيار فوق المنطقة التي تحتلها إسرائيل في الجولان في محاولة منها للقول: أنا هنا! أنا موجودة.

هذا الإستفزاز لم يتقبّله الاسرائيلي فأسقط الطائرات الايرانية.

بدوره، وجّه الايراني رسالة ثانية بالاتفاق والتنسيق مع الروسي، من خلال الصاروخ الذي أسقط طائرة “اف 16” الاسرائيلية، وهنا لا بد من الإشارة الى أنّ هذا الصاروخ هو صناعة روسية.

على الأثر لجأت إسرائيل الى ردّ أشد عنفاً، بضربة قاسية دمّرت فيها 12 مركزاً إيرانياً ولـ”حزب الله”، وهذا التصرّف استدعى تدخلاً روسياً – أميركياً لتهدئة الوضع.

وكانت تهدئة هشّة، واعتبر الاسرائيلي أنه وجّه رسالة مفادها: هذه المرة اكتفينا، أمّا في المرة المقبلة فستكون الحرب شاملة.

وفي المقابل تريد روسيا أن تقول للاميركيين: نحن يجب أن نكون حاضرين في أي حل لسوريا خصوصاً وللمنطقة عموماً.

ويبدو أنّ هذا الكلام لقي أصداءً في بعض عواصم المنطقة بدليل ما صدر عن عاهل الاردن الملك عبدالله الثاني الذي قال، أمس بالذات، إنّه أبلغ واشنطن أنّ لروسيا دوراً أكيداً في الحل الآتي الى سوريا.

يحدث ذلك وسط تجاذبات أميركية – إيرانية حول لـمَن الحق في البقاء في سوريا بعد الحل… هذا إذا كان هناك أي حل في المستقبل المنظور، والولايات المتحدة قلقة جداً، وقد أعربت عن هذا القلق غير مرة سابقاً وأخيراً، جراء الاشتباك الاسرائيلي – الايراني، وهي إذ تدعو إيران الى سحب ميليشياتها من سوريا، تخشى أن تتطوّر الأمور الى نسخة جديدة من الحرب الباردة بينها وبين روسيا، ربما ستكون أشد ضراوة من الحرب الباردة الأولى بينها وبين الاتحاد السوڤياتي السابق.

ويبدو أنّ جميع القوى الموجودة في سوريا تخطط للبقاء طويلاً في هذا البلد العربي الذي تحوّل من لاعب أساسي في المنطقة الى ملعب للدول وحتى للميليشيات.

من ناحية ثانية، وبعدمات بدأ الحديث عن اكتشافات جديدة من النفط والغاز في الأراضي السورية فهذا سوف يكون مشكلة إضافية كبرى للصراع في سوريا وعليها.

فهل تسمح أميركا لروسيا أن تستفيد من النفط والغاز السوريين وهي تتفرّج؟ وأيضاً سؤال جديد: ماذا يفعل العسكر الاميركي في شمال سوريا؟

والسؤال أيضاً: هل ستقبل روسيا أن تتنازل عن حقوقها في سوريا بعدما أرسلت 50 ألف عسكري وأقامت قاعدة جوية في حميميم وقاعدة بحرية في طرطوس مع تسجيل آلاف الطلعات الجوية على مدى أربع سنوات، وهذا يرتب نفقات باهظة جداً؟ فهل ستنسحب روسيا من سوريا كما يقولون “من المولد بلا حمص”؟!.

من هنا، فإننا سنشهد مستقبلاً حروباً عدة في سوريا ستكون كما يلي:

حرب أميركية – روسية.

حرب أميركية – إيرانية.

حرب إسرائيلية – إيرانية.

حرب إسرائيلية مع “حزب الله”.

ويمكن أن تتطوّر الأمور بحيث لا يعلم أحد ماذا يخبّئ المستقبل.

عوني الكعكي