IMLebanon

ماذا تعني تظاهرة الوحدة الوطنية طوال أيام الوفاء للملك الراحل عبدالله؟

كان الحضور اللبناني، الرسمي والحزبي والروحي في المملكة العربية السعودية للتعزية بالمغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز لافتاً، إلى جانب الوفود العربية والأجنبية التي جاءت لتقديم واجب العزاء بالراحل الكبير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وإلى القيادة السعودية الجديدة، تقديراً منها إلى المكانة المتميزة التي كان يتمتع بها المغفور له لدى الدول العربية والإسلامية والعالم أجمع، بالنظر إلى الخدمات الإنسانية التي قدمها طوال حياته، حيث نذر نفسه رحمه الله لخدمة دينه وأمته.

ولا تحتاج المشاركة اللبنانية الواسعة في عزاء الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في الرياض وبيروت إلى كثير تفسير، خاصة وأن اللبنانيين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم يكنّون للمغفور له الملك عبد الله وللمملكة العربية السعودية من احترام وتقدير لما قدماه للبنان من مساعدات مالية وعينية لا يمكن حصرها، على مدى سنوات طويلة، حيث كان الملك عبد الله رحمه الله يقول للقادة اللبنانيين الذين كانوا يزورونه إن لبنان في قلبه والشعب اللبناني شقيق للشعب السعودي، وإن أبواب المملكة مفتوحة لكل اللبنانيين طلباً للرزق والعمل وكما في أيام الرخاء، كذلك الأمر في أيام الشدة، لم ينس الملك عبد الله طيب الله ثراه لبنان، حيث ذكر رئيس «كتلة المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة أن الراحل الكبير وخلال الأزمة السياسية التي واجهتها الحكومة اللبنانية في العام 2007 كان يتصل به بشكل شبه يومي ويتحدث إلى عدد من الوزراء مطمئناً، كتعبير واضح عن محبته للبنانيين وحرصه على المساعدة لكي يتجاوز لبنان محنه والمصاعب التي كان يواجهها. ولا غرابة في أن تتعزز أواصر العلاقات الأخوية بين لبنان والمملكة العربية السعودية التي أرسى أسسها بشكلٍ كبير الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن بعده الرئيس سعد الحريري، مع القيادة السعودية الجديدة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أكد لرئيس مجلس النواب نبيه بري أن لبنان سيبقى في قلبه، كما كان في قلب الملك عبدالله رحمه الله وفي قلب كل سعودي، كتأكيد على أن سياسة المملكة ثابتة تجاه لبنان والأشقاء والأصدقاء، كذلك فإن هناك حرصاً سعودياً لمسته الوفود اللبنانية التي زارت الرياض لتقديم واجب العزاء بفقيد الأمتين العربية والإسلامية الملك عبد الله من المسؤولين السعوديين على أن محبة لبنان أمانة في أعناقهم، خاصة وأن أركان القيادة السعودية وفي مقدمهم الملك سلمان بن عبد العزيز كانوا يدركون ما للبنان من مكانة عند الفقيد الكبير الذي لم يوفر مناسبة إلا ووقف إلى جانب لبنان وأعانه على تخطي أزماته، وليس أدل على ذلك مكرمة الـ4 مليارات دولار التي قدمها هبة للجيش اللبناني ليشتري السلاح للدفاع عن سيادة وأمن بلده في مواجهة الأعداء والجماعات الإرهابية والتكفيرية، وطالما أن اللبنانيين لا يمكن أن ينسوا مآثر ومكرمات الراحل وما قدمه للبنان، فإن هذا الحضور المتنوع في تقديم التعزية لغيابه، والذي شمل مختلف الفئات اللبنانية في «8 و14 آذار»، يعكس بكثير من الوضوح هذا التقدير وهذه المحبة لشخص المغفور له الملك عبد الله الذي بلسم جراح اللبنانيين في أيام الحرب وآخرها عدوان تموز الـ2006، حيث تبرعت المملكة بمئات ملايين الدولارات لإعادة إعمار ما هدمته آلة الحرب الإسرائيلية، وتالياً للتأكيد للقيادة السعودية الجديدة أن مكانة المملكة في قلوب اللبنانيين كبيرة ولا يمكن لأحد أن ينسى أو يتناسى حجم الدعم المالي والإنساني الذي قدمته السعودية للبنان، على غرار المساعدات التي قدمها الأشقاء الخليجيون للبنان منذ سنوات طويلة، وبالتالي فإن مهما كان حجم الاختلاف السياسي بين الأطراف السياسية اللبنانية على مسائل وقضايا داخلية وخارجية، فإنهم يتوحدون في تقدير الدور السعودي في لبنان الذي ما ميز يوماً بين لبناني وآخر، وإنما كان هاجس القيادة السعودية أن يبقى هذا البلد متعافياً ورائداً في محيطه، لأنه بمثابة «الشرفة للمنزل العربي الكبير»، كما كان يصفه الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز.