الإلتزام «بإعلان بعبدا» بداية الطريق لتحصين لبنان والحفاظ على الإستقرار
ماذا يعني تحذير السيسي لسلام من تداعيات سقوط النظام السوري فجأة؟
فتح المعارضة معركة السيطرة على دمشق يعني «تسونامي» تهجير جديد إلى لبنان
تبيّن وفقاً لتطورات المشهد السياسي اللبناني أنه من الصعب إبعاد لبنان عن «بعض» تداعيات ما يجري في سوريا.
اتخذت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كان يسيطر عليها حزب الله توجهاً سمّي «النأي بالنفس»، ولكن بما أن هذا يعني إبعاد لبنان عن الحدث السوري وأطرافه، سرعان ما انهار هذا التوجه لحكومة ميقاتي خاصة بعدما أعلن الرئيس بشار الأسد رفضه واستهزاءه بشعار «النأي بالنفس» الذي رفعته الحكومة اللبنانية، وكان من الطبيعي أن يرفض ذلك الرئيس الأسد لكونه بأمسّ الحاجة لدعم حزب الله عسكرياً، وكذلك لاستخدام لبنان «ساحة» خدمة لاستمرار نظامه، فالرئيس الأسد وإيران خططا لاستخدام عدم الاستقرار السياسي في لبنان ومنه عدم تشكيل حكومة إلا بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر، وتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، منذ أكثر من عام، والتهديد بتعطيل أو حتى إقالة حكومة الرئيس تمام سلام..، وغير ذلك من العناوين التي تجعل من لبنان بما يمثل من أهمية لدى العرب والدول الغربية رهينة لدى النظام السوري وحلفائه. وعليه فنهج «النأي بالنفس» سرعان ما سقط بعد التصريح العلني ضده من الرئيس الأسد، فذهب حزب الله بكامل قواته العسكرية للقتال في سوريا دعماً لنظام بشار الأسد.
من جهته الرئيس ميشال سليمان وبقية الأحزاب والقوى التي شاركت في «هيئة الحوار الوطني» الجميع وافق ووقّع بما فيهم حزب الله على صيغة «حياد لبنان الذي عُرف بإعلان بعبدا» وإبعاده عن الصراعات في المنطقة، ولكن حزب الله سرعان ما تنكر لموافقته عليه وقال: «انقعوا بالمي وشربوا ميتو»، طبعاً تنكر لإعلان بعبدا لأنه يتعارض ومشاركته بالقتال في سوريا.
بعد دخول الأزمة السورية عامها الخامس هل نجح اللبنانيون في إبعاد بلدهم عن تداعياتها؟ وهل يمكن تلاقي تداعيات تطوّر هذه الأزمة؟
ما أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي أثناء استقباله للرئيس تمام سلام لفت الانتباه بشدة عندما قال: «يجب أن تكونوا حذرين وتحتاطوا من انعكاسات انهيار النظام السوري فجأة»، فالرئيس السيسي يخشى من تداعيات تطوّر الحدث السوري على لبنان، ويخشى من أن تكون نتائج هذه التداعيات سلبية على الوضع فيه أمنياً واجتماعياً.
رغم ما يجري في القلمون السوري بين حزب الله ومنظمات المعارضة السورية، ورغم وجود جبهات في جرود عرسال، ورغم التفجيرات التي حدثت في لبنان واستهدفت بعض المناطق، ورغم التوتر في الشارع وتحديداً السنّي – الشيعي في بعض الأحيان، رغم كل ذلك يمكن القول أن اللبنانيين وفي مقدمهم حزب الله وتيار المستقبل قد نجحوا لغاية الآن في إبعاد لبنان عن الساحة السورية الملتهبة، وحافظوا على الاستقرار النسبي القائم فيه.
أما في ما يخص المرحلة القادمة والتي حذّر من تداعياتها الرئيس السيسي، فهناك خشية محلية ودولية أيضاً، فقد أبلغ أكثر من مبعوث وعدد من السفراء المسؤولين اللبنانيين تحذيرات مشابهة للتحذير الذي أبلغه الرئيس السيسي للرئيس سلام، فهناك خشية في حال انهارت مواقع الجيش السوري أمام المعارضة وتحديداً في الجنوب السوري، فبعد سقوط مدينة «بصرى الشام» واستيلاء المعارضة على اللواء 52 والكثير من القرى في ريف درعا والقنيطرة بدأت قوات المعارضة التي وحّدت قواتها تحت إدارة غرفة عمليات مشتركة واحدة منذ يومين معركة السيطرة على مدينة درعا، فالمعارضة في حال سيطرت على مدينتي درعا والصنمين، وقتها تكون قد سيطرت على غالبية الجنوب السوري، ويعني ذلك أن الطريق أمامها إلى دمشق أصبح مفتوحاً، والمعارضة أعلنت خطتها التي تقضي بالسيطرة على درعا من أجل فتح الطريق إلى العاصمة دمشق.
وفتح معركة السيطرة على دمشق يعني أن لبنان يمكن أن يتعرّض لموجات (تسونامي») نزوح كبيرة لا يمكن لإجراءات الحكومة المتخذة حالياً أن تصمد أمامها، كما يعني النزوح السوري مجدداً حدوث أزمة من الصعب على لبنان بقدراته ومساحته المحدودة أن يتحملها.
كما يخشى «البعض» من أنه في حال انهار النظام السوري فجأة أن تعمد التنظيمات السورية المتطرفة مثل «داعش» و«جبهة النصرة» إلى فتح معركة في أكثر من جبهة مع حزب الله الذي ذهب إلى عقر دارها وقاتلها خلال السنوات الماضية وهو ما زال يقاتلها، ويُخشى أيضاً من أن تعمد هذه التنظيمات في حال سقط النظام السوري أن تفتح جبهات مع حزب الله على الحدود اللبنانية – السورية أو حتى في داخل لبنان..
لذلك جميع النصائح التي سمعها أكثر من مسؤول لبناني لا تخرج عن إطار ما أبداه الرئيس السيسي أمام الرئيس سلام من ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وتفعيل المؤسسات الدستورية، والحفاظ على الاستقرار الداخلي، كل ذلك لتحصين البلد في مواجهة تداعيات الأزمة السورية الآخذة في التصعيد.
فهل يعي من بيدهم الحل والربط أهمية هذه التحذيرات ليسرعوا في ترتيب البيت اللبناني الداخلي وتحصينه، والتحصين يكون بتفعيل دور مؤسساته وليس تعطيلها وهدمها..!!