Site icon IMLebanon

ماذا يعني ربط الجبهات وأين يصل تسخينها؟

«حزب الله» يستجرّ الإرهاب بعد الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان

ماذا يعني ربط الجبهات وأين يصل تسخينها؟ 

لا يعترف «حزب الله» بالربط بين تدخله عسكرياً في سوريا وتعرض لبنان لهجمات إرهابية. وفق نظريته، فإن العكس هو الصحيح، رغم مخالفة ذلك الوقائع على الأرض. الأمر نفسه يسري على قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، على ما أعلن السيد حسن نصر الله في 30-1-2015، فوفق الحزب فإن الربط بين جبهة الجولان وجنوب لبنان لم يحصل بعد تزايد نشاط الحزب العسكري في الجولان وإنما بسبب استهداف العدو الإسرائيلي موكباً يضم قيادات عسكرية من الحزب والحرس الثوري الإيراني.

في تعقيبه على عملية القنيطرة، أعلن السيد حسن نصر الله أنه «لم يعد يعنينا أي شيء اسمه قواعد اشتباك». وبما أن إسقاط قواعد الاشتباك يعني إسقاطاً للقرار 1701 الذي أوقف الحرب في العام 2006، فقد وجدت القوى السياسية المشاركة في الحكومة أن من واجبها التذكير بالتمسك بالقرار 1701 حماية منها للبنان، لكن هذا التأكيد لا يغير من الواقع في شيء، لأن الحزب يعمل وفق ما يعلن هو، لا وفق ما يقوله الآخرون.

ثمة حقيقتان غابتا عن دراسة ما أعلنه نصر الله مؤخراً. الأولى تتعلق بالقرار 1701، والثانية تتعلق بربط الجبهات.

أولاً: من المعلوم أن القرار 1701 قام على أساس لبناني في العام 2006 عرف باسم النقاط السبع. الحزب وافق على هذه النقاط على لسان أمينه العام في 9/8/2006، لكنه ما لبث أن جوّف القرار 1701 بإعلانه عبر الوزير المستقيل محمد فنيش في 6/5/2007 أنه «لم يتم الاتفاق يوماً على النقاط السبع»، وتالياً استمر الحزب على اعتماد رؤيته الخاصة للقرار 1701.

ثانياً: عقب غارة إسرائيلية طالت «حزب الله» وجيش النظام السوري، أعلن الأمين العام للحزب شخصياً «فتح الباب للمقاومة الشعبية في جبهة الجولان» (9/5/2013)، معلناً بشكل غير مباشر ربط الجبهات والساحات. أعقب ذلك إعلان رئيس كتلة الحزب البرلمانية النائب محمد رعد أن «إعلان بعبدا ولد ميتاً ولم يبق منه إلّا الحبر على الورق» (22/8/2013). الهدف من هذا الموقف هو تأكيد الربط بين الجبهات وإعطاؤه حرية أكبر، وتحريره من أية تعهدات تحدّ منه.

ماذا يعني ما تقدم؟

أولاً: يعني أن الحزب يخطو خطوة إضافية في مسار معلن، هدفه تحسين قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي لا إسقاطها كلياً، وهو ماضٍ في تعزيز تواجد إيران في هضبة الجولان، وأنه سوف يقاوم الرفض الإسرائيلي لهذا الواقع الجديد بالرد على كل عملية تستهدفه هناك.

ثانياً: لم يعبأ الحزب بالمواقف المعاكسة لإرادته في السابق، ما يعني أنه لن يعبأ بها اليوم أو في الغد، ما لم يجد نفسه مضطراً، وكما تنصل من القرار 1701 بعد موافقته عليه، وعزز من قدراته العسكرية جنوب الليطاني، تنصل أيضاً من إعلان بعبدا، بعد موافقته عليه، وعزز من تواجده العسكري على كامل المساحة السورية، بل إن الأمر تطور إلى هجوم مضاد والقول «لمن يدعونا للانسحاب من سوريا، أدعوكم لنذهب سوياً إلى سوريا… وأقول أيضاً تعالوا لنذهب إلى العراق» (16/2/2015).

ثالثاً: وسط تزايد ضعف النظام السوري، لم يعد الحزب مضطراً الى إخفاء نشاطه في الجولان (فضلاً عن باقي الأراضي السورية)، رغم اعتبار ذلك مصادرة لقرار الحرب والسلم في سوريا، بعد لبنان. يعكس هذا الواقع مدى ارتهان النظام السوري لإيران وتالياً للحزب، خلافاً للحال أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد.

رابعاً: ستقود هذه المتغيرات عملياً إلى تسخين على جبهتي الجولان وجنوب لبنان. ربما لا يؤدي إلى حرب وشيكة، لأن حسابات الحرب صعبة وغير واضحة الأفق والمديين المكاني والزمني راهناً لكلا الطرفين، لكنها ستؤدي إلى توتير وعمليات متبادلة، أكثر ما ستضر بالواقعين السياسي والاقتصادي للبنان، على اعتبار أن الواقع السوري كارثي أصلاً.

خامساً: يكرس إعلان السيد نصر الله أنه «من الآن فصاعداً، أي كادر من كوادر حزب الله المقاومين، يقتل غيلة سنحمّل المسؤولية للإسرائيلي وسنعتبر أن من حقنا أن نرد في أي مكان وأي زمان وبالطريقة التي نراها مناسبة»، مرحلة سقوط الحدود في عالمنا العربي. «داعش» أسقطت الحدود بين سوريا والعراق وأقامت دولتها، و»حزب الله» أسقط الحدود بين لبنان وسوريا والعراق عبر مقاتليه، معتبراً استهدافه في الجولان كما استهدافه في جنوب لبنان والعكس صحيح، يجعل هذا الواقع من التسخين مع العدو في حال انزلق في لحظة ما إلى حدود المواجهة، أمراً في غاية الخطورة.

المشكلة الأساس في ذلك كله، ليست الحرب – رغم كارثيتها -، وإنما حصرية قرار الحرب بيد فئة من الشعب اللبناني، حيث سيكون على الشعب اللبناني كله دفع ثمن القرار الذي يتخذه سواه أو فئة منه، تقرر عنه، وهي «مستعدة للذهاب إلى أبعد مما يتصوره أحد في هذا العالم»، على ما أعلن نصر الله نفسه. وعليه، فإن المقارنة التي أجراها نصر الله في خطابه بتاريخ 16/2/2015 حيال رد الفعل الإيطالي أو المصري على إعدام العمال المصريين ليس في محله، لأن القرار هناك متخذ من قبل الدولة لا من قبل فئة سياسية، تفرض على الدولة خياراتها.