IMLebanon

ما لا يحصل في الجحيم !

قصة أمن المطار ليست جديدة، فمنذ زمن باتت أولوية الأولويات، وخصوصاً أخيراً بعد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها طائرات ومطارات في العالم، وكان من الفاضح والمعيب ان يصل الأمر قبل أشهر، حد توجيه شركات الطيران الدولية تحذيرات جدّية الى لبنان بوقف الرحلات الى بيروت ما لم تتخذ الإجراءات الأمنية الضرورية لسلامة الطيران، لكأن هذه الشركات مهتمة بأرواح اللبنانيين والوافدين الى لبنان أكثر من الدولة، وهذا ما لا يحصل حتى في الجحيم.

الوزير غازي زعيتر لم يقصّر، لطالما دعا الحكومة الى معالجة هذا الموضوع الخطير، لكن الفضيحة ان يغرق مجلس الوزراء أخيراً في جدل حول تلزيمات التجهيزات الأمنية المطلوبة، ما يكشف مدى الفشل الذي وصلت اليه الدولة حتى في إجراء مناقصة !

منذ زمن لم تعد التلزيمات في الدولة السعيدة تتم بطريقة المناقصات المتبعة حتى في مجاهل الأمازون، أي على قاعدة “النوعية الأحسن والسعر الأفضل”، بل على طريقة المحاصصات والمزايدات ودائماً بعد اتفاق القطط المحظيّة وراء أبواب مغلقة على تقاسم الجبنة بعد فرض الأسعار المضاعفة طبعاً.

لم يكن في وسع هذه القطط ان تذهب الى هذا الحد في نهش البقرة، لو لم يكن أهل الدولة قد جعلوها بقرة وعلّقوها ذبيحة على مفترق الطوائف والمذاهب، فمنذ صارت لكل طائفة حصتها في هذه الإدارة وجهازها الأمني هنا وهناك، ومنذ بات معيار الوصول الى الوظيفة وقاعدة تولي الشأن العام يمران حصراً بالبوابة الطائفية والمذهبية سقط الولاء للدولة وصار للطائفة والمذهب ومن يمثلهما.

ولأن الأمور وصلت الى هذا الدرك من السوء، لم يكن غريباً ان يتسيّد الفساد وتتوحش الرغبة في النهش وتتغول الهجمة لزيادة حصة الطائفة والمذهب في الإدارة والوظيفة، بما يعني استطراداً أن الشأن الخاص طائفياً ومذهبياً تقدم لا بل التهم الشأن العام، وهكذا راح بناء الدولة يتداعى، الى درجة اننا صرنا أخيراً بلد الزبالة في نظر العالم، والأشنع ان القطط نفسها قدمت عشرات من العروض والمشاريع لمعالجة مشكلة النفايات ووجدنا دائماً ان هناك من يضع الشكوك وعلامات الاستفهام والتعجب حولها.

هل كثير اذا قلنا إننا لسنا في دولة بل في برية تتصارع فيها مجموعة من القبائل المتوحشة والانتحارية واننا أقل بكثير من “لويا جيرغا” تنظم أمور هذه الكمية المسكينة من البشر الذين فقدوا الحد الأدنى من ثقافة المواطنة والانتظام العام؟ وهل غريب ان نتلقى تحذيرات من شركات الطيران بسبب التخوف من دقة الإجراءآت الأمنية في المطار، لتأتي القطط بعروض تثير الشكوك مما استدعى استدراج عروض جديدة لن تغيب عنها القطط اياها؟… لا ليس غريباً ايها التعساء الذين كادت الزبالة ان تجرفهم!