حتى لو طغت تخلية الوزير السابق ميشال سماحة على كل الملفات الأخرى من المبادرات الرئاسية الى إعادة تفعيل عمل الحكومة والتعيينات العسكرية وترحيل النفايات، فإن التقارب العوني – “القواتي” ما زال مستمراً ويتفاعل، ولم يتأثر بهذه القضية.
صحيح أن المبادرة الرئاسية للرئيس سعد الحريري حفزت العمل على تطوّر “إعلان النيات” بينهما الى درجة تلميح الدكتور سمير جعجع ونوابه وكوادره الى إمكان ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، لكن التفاهمات على ملفات متعددة بين الرابية ومعراب تطبخ على نار هادئة، والى الآن لم يطرأ أي جديد على الحراك الرئاسي بين عون وجعجع. والواقع أن الاتصالات بينهما قائمة بواسطة موفديهما النائب ابرهيم كنعان وملحم الرياشي، وأن العلاقة أبعد من رئاسة الجمهورية، ومتصلة بالجمهورية في ذاتها، وفق معنيين بهذا التقارب.
وتبعا للمعلومات المتوافرة لـ”النهار”، انه في الـ48 ساعة الأخيرة كان تكثيف للقاءات والمشاورات بين الطرفين وسجّل تقدم كبير على صعيد موضوع الرئاسة، لكن رغم ذلك لا يمكن القول إن الموضوع أصبح بحكم المنجز، لأن أموراً أخرى كثيرة مرتبطة بالأحداث السياسية المستجدة وبتواصل كل حزب منهما مع الحلفاء والقواعد لتحديد الموقف النهائي للتوقيت. وتفيد المعلومات أيضاً أنه من غير المتوقع أن يطرأ أي جديد قبل منتصف الأسبوع المقبل.
ويؤكد الطرفان في “القوات” و”التيار” الانفتاح على كل القوى المسيحية في الدرجة الأولى، ومنها الى القوى الاسلامية الشريكة في الوطن، لذا يستلزم الموضوع وقتا أكثر مما يتوقعه مؤيدو التقارب، وحتى معارضوه، لأن الطرفين لا يريدان أن يأخذ الأمر شكل التحدي لأحد، بل أن تكون مبادرة إيجابية من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي. إذ إن الموضوع كله يركز على تنفيذ البند الأول من “إعلان النيات”، وعنوانه الرئاسة، مع الأخذ في الاعتبار المبادرات الرئاسية كلها ومواقف 8 و14 آذار منها، كما أن التقارب أو التفاهم لا يرتبطان بتحالفات سلطوية أو بحصص.
وفي هذا الإطار، يؤكد النائب فادي كرم لـ”النهار” أن هذا التفاهم سيكون واضحاً ومعلناً، ويصلح لأن يكون خطة وطنية ليست فقط مسيحية، لكنها في الوقت عينه ستكون إيجابية جداً للمسيحيين ولوضعهم ومشاركتهم في الدولة ودورهم الوطني، نافياً أن يكون التقارب مبادرة في مقابل مبادرة أخرى، “بل هو تقارب فعلي انطلاقاً من وثيقة “إعلان النيات” التي تتطور في شكل إيجابي”.
ولا ينكر أن ثمة احتمالاً كبيراً أن يحصل اتفاق في موضوع الرئاسة، وهو كان المسؤول “القواتي” الأول الذي أعلن هذا الأمر عبر “تويتر”، ولن يخوض في التكهنات، لكنه يؤكد أن موضوع الرئاسة الذي فتح لن يغلق، وليس من مصلحة اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً أن يغلق، وأن ما يرسم بين “القوات” و”التيار” جدي جداً، لكن التوقيت والترجمة يبقيان ملك جعجع وعون.