دخل لبنان امس رسمياً نادي الدول النفطية من خلال موافقة مجلس الوزراء في جلسته امس منح رخصتين لاستكشاف وإنتاج النفط. ما هي الشروط المالية والتقنية التي حصل عليها لبنان؟ ومتى يمكن ان يبدأ تدفّق الذهب الاسود في الاسواق؟
أقر مجلس الوزراء في جلسة عقدها امس البند المتعلق بالترخيص للتنقيب عن النفط، حيث وافق على منح رخصتين لاستكشاف وإنتاج النفط في الرقعتيْن «4» و«9» لائتلاف شركات «توتال» الفرنسية، «نوفاتك» الروسية، و«إيني» الإيطالية ليكون لبنان قد خطا خطوته الأولى لولوج نادي الدول المنتجة للنفط.
ومن المتوقع ان يوقّع وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل بتفوّيض من مجلس الوزراء العقود مع تحالف شركات النفط مع دفع الكفالات، في مهلة لا تزيد عن الشهر، ويعقب ذلك تقديم الشركات «خطة الاستكشاف»، على ان يبدأ العمل في حفر آبار النفط في بداية 2019 وفق ما اعلن ابي خليل امس.
ياغي
في السياق، لفت الخبير النفطي ربيع ياغي الى ان الشروط التقنية والمالية التي حصل عليها لبنان أفضل بكثير من تلك التي تم تقديمها للدول المجاورة كقبرص وإسرائيل، ونحن لا زلنا في بدء الاستكشاف الذي سيقتصر على البلوكين 4 و9، جازما ان هذه الشروط ستتحسّن عندما سيتم تلزيم بقية البلوكات.
واعتبر ياغي انه لا يمكن المقارنة كثيرا مع العروض التي حصلت مع كل من اسرائيل وقبرص لأن الانظمة المالية في القطاع النفطي الموجودة في قبرص مختلفة عن تلك الموجودة في اسرائيل ومختلفة بدورها عن انظمتنا، ولكن في المحصلة النهائية فإن النسبة المئوية التي سيحصّلها لبنان من عائدات النفط بعد الاكتشاف والانتاج التجاري ستكون أعلى وأفضل من العائدات التي ستحصّلها قبرص او اسرائيل.
واعتبر ان الاتفاق النفطي الذي أنجزه لبنان في هذه الظروف الصعبة مع هبوط اسعار النفط وتراجع الاستثمارات النفطية عالميا ممتاز. اذ التقت ثلاث من اهم الشركات العالمية بقيادة توتال الفرنسية واني الايطالية ونوفوتك الروسية، وشكلت كونسورتيوم وحصلت على امتياز التنقيب في بلوكين 4 و 9. هذا الامر يعتبر خطوة مهمة جدا، مع العلم ان اسرائيل في الفترة عينها طرحت بلوكات للتلزيم ولم تتقدم اي من الشركات الكبرى بعروضها.
وكشف ياغي ان حصة الدولة من عائدات النفط ستتراوح ما بين 50 و 60 في المئة، وهذه تعتبر سابقة خصوصا وان ليس للبنان اي انتاج نفطي سابق، ولا اي خبرة نفطية، مؤكدا انه في دورة التراخيص المقبلة ستكون حصة الدولة اكبر اذا تم اكتشاف النفط بكميات كبيرة في البلوكات 4 و9. ولفت الى انه لا يمكن معرفة كم تساوي هذه النسبة ماليا الان لأن أحدا لا يعرف كم سيكون سعر النفط بعد 10 سنوات.
اما على الصعيد التقني، فيتميز لبنان ايضا مقارنة مع الدول المجاورة انه سيتم استعمال احدث التقنيات في عملية الاستكشاف، لذا تمكّن لبنان من خفض سنوات التنقيب الى 5 بدلا من 6 كما سيتم استعمال اجهزة تصل الى عمق 5000 متر تحت سطح البحر.
زهر
من جهته، قال الخبير النفطي عبود زهر لـ«الجمهورية» بما ان لبنان منتسب الى منظمة الشفافية العالمية فمن مصلحته ان يعلن عن مضمون العقد الذي سيتم توقيعه مع الشركات النفطية في غضون شهر.
ولفت ردا على سؤال، الى ان التوجّه اليوم للتفتيش عن الغاز خصوصا بعدما تبين ان حوض الشرقي للمتوسط غني بالغاز، لكن هذا لا يعني ان الشركات غير مهتمة بالتنقيب عن النفط خصوصا اذا ما تبين خلال التنقيب ان هناك كميات نفطية واعدة.
وأوضح ان العقد يتضمّن مرحليتن للاستكشاف: الاولى عبارة عن 3 سنوات والثانية تمتد لسنتين. وشرح ان في عملية الاستكشاف تقوم الشركة بحفر بئر واحد استكشافي لمعرفة اذا كان هناك غاز او نفط، اذا تبين ان فيه غاز يتم اقفاله وتحفر الشركة بئرا ثانا قربه يسمى بئرا تقويميا للتأكد من النوعية والكمية الموجودة في البئر، وفي حال اعلنت الشركة ان الاستكشاف تجاري تقوم بحفر بئر ثالث لتطوير الحقل وهو ما يعرف بآبار الانتاج. هذه العملية هي التي تجعل استكشاف النفط او التنقيب يستغرق سنوات.
تابع: قبيل البدء في حفر الابار عام 2019 وفق ما اعلن ابي خليل، من المتوقع ان تقوم شركة توتال باجراء مسوحات زلزالية خلال العام 2018 في مناطق معينة.
وعن نسبة التوظيف، اشار زهر ان المرسوم الموقع يجبر الشركات على توظيف 80 في المئة من عمالها من اللبنانيين، ما سيستدعي عودة لليد العاملة اللبنانية الخبيرة في هذا المجال من الخارج.
مواقف
هنأ وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل اللبنانيين باقرار بند النفط ودخول لبنان نادي الدول النفطية. وأشار إلى أن «بداية حفر آبار النفط ستكون في بداية 2019 لنرى امكانية تطوير الحقل».
وأضاف «قمنا بمزايدة ودورة تراخيص وجاءت النتائج والرسوم وكانت الخاتمة في مجلس الوزراء وكان تقييم العروض الفنية والمالية وكان هناك تحسين للشروط».
من جهته، هنأ رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب محمد قباني اللبنانيين بهذه الخطوة الأولى نحو دخول لبنان في عالم النفط. وقال: حتى لو تأخر الانتاج بضع سنوات كما هو متوقع، فالمهم أن هذه الخطوة تفتح أمام اللبنانيين نافذة أمل على المستقبل».
واشار الى ان «المجلس النيابي حاليا بدأ ورشة عمل تشريعية تواكب وتنسّق مع الحكومة من أجل تهيئة كل الجوانب المطلوبة في قطاع النفط والغاز»