القنبلة التي فجّرها رئىس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية اخذت الجميع على حين غرة فاختلطت اوراق اللاعبين وتبعثرت وفرملت مواقف الجميع الذين حشروا في خانة التريث ما عدا بعض الاحداث ومنها على سبيل المثال موقف الوزير بطرس حرب الذي اعلن انه ما بين النائب سليمان فرنجية والجنرال يختار فرنجية، ولم يكن الامر مفاجئا لا سيما وان الوزير جبران باسيل يشكل كابوسا لحرب بحسب مصادر مسيحية، اضافة الى ان مرحلة ما بعد تبني جعجع لعون ليست كما قبلها في الحصاد السياسي المقبل على صعيد الانتخابات النيابية وغيرها من الاستحقاقات.
اذا، التريث في اطلاق المواقف حيال قنبلة جعجع بات يسيطر على الايقاع السياسي تؤكد المصادر، فالتيار الازرق الذي يعتبر اكثر المحرجين في العملية فرمل اندفاعته بترشيح فرنجية على قاعدة ان يزور الرئيس سعد الحريري روما للقاء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لبحث الاستحقاق الرئاسي معه.
وتضيف المصادر ان الرئيس نبيه بري كان اول المتريثين معلنا انه كرئىس لمجلس النواب سيكون صاحب الموقف الاخير وانه سيتخذ الموقف المناسب بعد درس كل المواقف والمعطيات معتبرا ان لقاء عون وجعجع هو خطوة متقدمة تريح الساحة الوطنية والمسيحية وتؤكد ان لا عداوات بين اللبنانيين بل هنالك خصومات سياسية، اما بالنسبة «لحزب الله» فانه يتريث ايضا في انتظار تبلور المواقف ويركز مساعيه على استمرار التهدئة لكي تؤدي الى التوافق بين اطراف الفريق الواحد وحتى تجاه الفريق الآخر ولا يستبعد المراقبون ان يقنع «حزب الله» فرنجية بالانسحاب لصالح عون وان كلام فرنجية من بكركي عنوانه معروف لمن يريد ان يلتقيه لمجمل دلالات كثيرة.
وتشير المصادر الى ان موقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط يعتبر من علامات الازمة فبعد مسارعته الى دعوة قيادة حزبه لدرس مشهدية معراب، الغى اجتماع مجلس قيادة الاشتراكي وابقى على لقاء نواب «اللقاء الديموقراطي» لجوجلة المواقف من دون اللجوء الى اتخاذ موقف نهائي بعدما ارسل الوزير وائل ابو فاعور الى السعودية في محاولة لقراءة موقف المملكة الحقيقي، اما حزب «الكتائب اللبنانية» ففضل ايضا التريث في اعلان موقفه من ترشيح جعجع لكي لا يغرّد خارح السرب على قاعدة «اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب».
وتتساءل المصادر هل اقدم جعجع على ترشيح عون في غفلة عن السعودية خصوصاً وان تحالفه معها واستقباله من قبلها كاستقبال الرؤساء ان دل على شيء فعلى ان المملكة لم تكن بعيدة عن الاجواء وان مبادرة الحريري لم تكن اكثر من مبادرة شخصية، لا تلزم المملكة بشيء من قريب او بعيد، وان هدفه من مبادرته العودة الى السراي الكبير وانهاء منفاه القسري، وما هكذا تورد الابل وفق المراقبين الذين يتوقعون ان تثمر جهود «حزب الله» في اقناع فرنجيه، واذا ما حصلت التسوية ستتوج بزيارة يقوم بها الجنرال الى بنشعي كون ما يجمع الرجلين اكثر مما يفرق، وربما مرحلة التريث هذه قد تؤدي الى انتاج رئيس للجهمورية صنع في لبنان لاول مرة.