IMLebanon

ماذا يخفي الجنرال في جعبته؟

بحكم المؤكد باتت الانتخابات النيابية مؤجلة الى موعد لن يحسم قبل تحديد هوية القانون الموعود اذا ما تمسكت الاطراف بمواقفها الحالية، رغم ان ثمة من يقول ان كل شيء ممكن في لبنان حتى اذا كانت مهلا، حيث الحديث عن امكان تعديل المهل بقانون في مجلس النواب ولو قبيل ساعات من بداية ايار. فاذا كان حديث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى احدى المحطات التلفزيونية المصرية عشية جولته المصرية الاردنية حول سلاح حزب والزوبعة التي اثارتها، عند الخصوم والحلفاء، فان اطلالة السيد حسن نصرالله من بعلبك لم تكن اقل اهمية لجهة المواقف والنصائح التي قدمها للحكومة في اكثر من مجال، شكل قانون الانتخابات احدها.

لا شك في ان الضربات المتتالية التي تلقاها رئيس الحكومة سعد الحريري من رئيس الجمهورية، رغم توضيح بعبدا لسياق الكلام، التي شرع فيها سلاح «حزب الله» في تصحيح للالتباسات التي رافقت كلامه من الرياض والدوحة، ومن السيد نصر الله حول ضرورة التحاور مع سوريا في حال توافر النية لحل ازمة النازحين السوريين الى لبنان، والتي اوحى انه زارها وعاين اوضاعها عن قرب، ستترك تأثيرها في مسار المفاوضات في شان القانون الذي يبدي رئيس الجمهورية تصلبا واضحا في شأنه، ناقلا المعركة الى ملعب الاطراف وقواعدها الشعبية خصوصا، السنية والدرزية، بحسب مصادر سياسية متابعة.

فرغم ان السيد حسن نصرالله لم يشر إلى ذلك في اطلالته، توازيا مع الردود الخجولة للحلفاء الجدد الذين ردوا بالواسطة سواء الشيخ سعد الذي اختار النائب عقاب صقر، ونائب رئيس حزب القوات اللبنانية الذي «اعترض» دستوريا وقانونيا، مقدما مادة دسمة للمعارضين لتسوية بعبدا، تخوفت المصادر السياسية من رد فعل «ترامبي» قد يتناول الدعم العسكري للجيش اللبناني، خصوصا بعد الكلام العالي النبرة للسفيرة كاغ مذكرة بالقرارات الدولية وضرورة التزامها، من جهة، ومن تعطيل متعمد لعجلة السلطة التنفيذية مع بروز التناقضات الى السطح، في ظل التجاذب الاقليمي والدولي الكبير والحاد.

وإذا كان النقاش في شأن قانون الانتخاب قد سحب من الأضواء إلى الكواليس، مخافة إحراق ما يعمل عليه، خصوصا أن المهل الدستورية تضيق، تماما كسقف  شباط ، بأدناه الملزم لدعوة الهيئات الناخبة في الحادي والعشرين منه، واقصاه الذي حدد رئيس الجمهورية آخره موعدا نهائيا لاقرار القانون الجديد، إلا انه يبدو ان القوى السياسية منحت نفسها فسحات لتغيير التاريخين إذا ما ظهر في الأفق قانون جدي يستوجب ذلك، وهو ما قد يكون حمل رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط على زيارة عين التينة، حاملا بحسب المصادر، التعديلات التي يراها للسير بقانون الرئيس ميقاتي، الذي تلقى جرعة دعم مبدئية من «القوات اللبنانية» و«حزب الله»، اللذين رأيا فيه مسودة صالحة للبناء عليها وتطويرها وتعديلها، مما يزيل خوف الخائفين على الوجود وعلى الأحجام وعلى عدالة التمثيل، وتجنيبا لذهاب البلد إلى المجهول وتعريض الوطن للخطر، مع غياب اي صورة واضحة لما يحكى عن مشروع «حريري» بديل.

مشروع تعتبره اوساط المستقبل اقرب الى «الرؤية» التي تدمج بين ثلاث صيغ، الاولى المقدّمة من الثلاثي معراب ـ بيت الوسط  ـ المختارة، قبل ان ينسحب منه لاحقاً الحزب «التقدمي الاشتراكي»، الثانية التي باتت تعرفة بالصيغة «الباسيلية» المرفوضة من «الثنائي الشيعي»، والثالثة التي طرحها رئيس مجلس النواب، والتي تراعي هواجس النائب جنبلاط، خصوصاً ان الجميع يريد «طمأنة» الاخير انتخابياً، واصفة اياها بأنها تسعى «تدوير الزوايا» لمزاوجتها بين النظامين الاكثري والنسبي وتوحيدها المعايير في مناطق عدة.

في الانتظار، علم من مصادر وزارية انه بعد انتهاء الحكومة من الجلستين المخصصتين لدرس الموازنة ستتم دعوة الحكومة الى عقد اجتماعات متتالية لدرس مشاريع قوانين الانتخاب للخروج بصيغة يتم ارسالها الى المجلس النيابي طالما ان معظم الاطراف ممثلة في الحكومة، وبالتالي عليها تحمل مسؤولياتها، بعدما فشلت كل الاتصالات من ثنائية وجماعية في ايجاد حل للمأزق الراهن وانتفاء الحاجة لاجتماع الرباعية بعدما وصلت الى الحائط المسدود.

الا انه رغم تلك الصورة القاتمة، تجزم مصادر مواكبة للاتصالات، بضرورة التعامل بجدية مع كلام رئيس الجمهورية الحاسم حول ولادة القانون قبل نهاية الشهر، نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية الدافعة في هذا الاتجاه، مذكرة بحقبة انتخابات الـ 2005 رغم تغير الظروف، تجنبا لحصول الاسوأ، حيث اصرار من قبل حزب الله على ضرورة اجراء الانتخابات استباقا لما قد تحمله الفترة المقبلة من ضغوط اميركية، ما يتقاطع مع رغبة رعاة التسوية الرئاسية بحمايتها وتحصينها، تفاديا للمأزق الدستوري ـ السياسي الذي قد ينجم عن «الفراغ النيابي»، خصوصا ان المعطيات التي عرضت امام الوزراء خلال الجلسة الاخيرة للحكومة تشير الى بلوغ الاوضاع المالية والإقتصادية الخط الاحمر.

وفيما سيتوضح مسار الانتخابات النيابية في الأيام القليلة المقبلة، في ضوء الاجتماعات والمشاورات المتلاحقة بين الأطراف المعنية، رغم اجندتها الملأى بالمواعيد بشكل لا يبقى مكان لمناقشة مشاريع القوانين الانتخابية، من سفر رئيس الجمهورية الى الاسبوع الذي يقفل على مناقشة الموازنة، اسقط كلام رئيس الجمهورية مرة جديدة الرهان على أن ينقلب ميشال عون على ذاته. فهل تشهد الأيام المقبلة ورشة جدية فعلية تخرج القانون من عنق الزجاجة السياسية؟ وهل تكون الأيام العشرة المقبلة كافية للاتفاق على قانون للانتخابات النيابية؟ باختصار هل يمر قانون ميقاتي؟ ووفقا لأي اسس؟ ومن هو الرابح والخاسر الأكبر منه؟