Site icon IMLebanon

ماذا دار بين رئيس الجامعة اللبنانية والأساتذة المتعاقدين؟

 

ينتظر اليوم نحو 79 ألف طالب في الجامعة اللبنانية قرارَ أساتذتهم المتعاقدين لحسمِ خيارهم ما إذا كانوا سيمضون في إضرابهم لثلاثة أيام مطلع الأسبوع المقبل (حتى مساء الأربعاء) وفق ما أعلنوا في اعتصامهم أمس، أم سيتريّثون نزولاً عند تمنّيات رئيس الجامعة البروفسور فؤاد أيوب خلال اجتماعه معهم بعيداً من الإعلام: «ما تِنسوا مصلحة الطالب ولا دقيقة». ولدى سؤالنا له عن كواليس اجتماعه أمس الأوّل مع رئيس الجمهورية ميشال عون، أجاب أيوب: «أكيد لن أكشفَها، وأنا فتحتُ ملفّ التفرّغ منذ حزيران الماضي وحتى اليوم لم أتفوّه بكلمة».

«أفرِجوا عن حقّي وأطلِقوا سراح ملفّ التفرّغ»، «مِن المعيب تحويل الصرح الأكاديمي إلى محاصصة طائفية»، «لا لاستغلال واستنزاف الأستاذ الجامعي». تعدّدت الشعارات التي رفعَها الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية خلال اعتصامهم قبل ظهر أمس عند مدخل مبنى الإدارة المركزية للجامعة، أمّا وجعُهم فواحد: «التفرّغ حق قبل فواتِ العمر».

«الإضراب المفتوح»

عند الحادية عشر قبل الظهر، بدأ التحرّك بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة اللبنانية، بعدها تحدّث الدكتور حامد حامد باسمِ المعتصمين، وقال: «مرَّة جديدة يطيحُ ما يسمَّى بالتوازن الطائفي ملفَّ التفرّغ في الجامعة اللبنانية، بعد أن أشبَعتنا المكاتب التربوية وعوداً، إذ تخلَّت عن دورها الحواري الهادئ في لحظة استحقاقٍ مصيرية».

وأضاف بنبرة غاضبة: «لن يسقطَ ملفُّ التفرُّغ مرَّتين، نعم لإسقاط حِبرِكم الانتخابي إنْ لم يبصر ملفّنا النور».

وناشَد الرئيس أيوب قائلاً: «نعوّل على مناقبيتكم في خدمة هذا الملف ونعرف حرصَكم على المتعاقدين. لكن نحتاج إلى البيئة في إثبات هذا الحرص وإقرار حق الـ٥٧٠ متعاقدًا واجتراح نصّ يَحفظ التوازن الوطني»، مشيراً «إلى سابقةٍ في تفرّغ الـ ٢٠١٤، تمّ حينها إدخال ٨٠ إسماً من خارج الجامعة».

وأعلنَ المعتصمون «الإضراب لثلاثة أيام ابتداءً من مطلع الأسبوع المقبل تُشَلّ به الجامعة، و لغاية مساء الأربعاء، كخطوةٍ أولى إفساحاً في المجال لمن يعنيهم الأمر بإقرار التفرّغ. وفي حال لم يتمّ إقراره، نتّجه نحو الإضراب المفتوح في فروع الجامعة اللبنانية كافةً، وعلى امتداد مساحة الوطن».

كواليس اللقاء

بعد اعتصامهم على الدرج، توجّه الأساتذة إلى صالةٍ في الطابق الأرضي من مبنى الإدارة المركزية ليتباحثوا في المخارج الممكنة لملفّ التفرّغ. أخذوا أماكنَهم وبدأوا في مقاربة الوضعِ الموجع لملامسةِ الجرح، ومِن مخاوفهم إمكانيةُ «تطيير» بعضِ المستثنين والمستحقّين لإحقاق التوازن الطائفي، بالإضافة إلى التهديدات التي يواجهونها مع إداراتهم بفسخِ عقودهم في حال إضرابهم.

وبينما هم يمهّدون للنقاش، انضمّ الرئيس أيوب مرَحّباً بهم «في بيتهم»، فبادرَه أحد الأساتذة من الصفوف الخلفية بالقول «ألله يقوّيك حضرة الرئيس» وقد بدا على جبينه خطوط العمر وهاجسه: «بدنا نتفرّغ قبل ما نموت!».

بدأ أيوب في تذكير المعتصمين بالآلية التي تمّ فيها إعداد ملف التفرّغ، «حُضّر بطريقة عِلمية صِرف وأدخِلت المعلومات وفق برنامج خاص يضمن الشفافية ويُظهر ملفات الأشخاص المستحقّين وغير المستحقّين بشكل تلقائي، يصعب التدخّل بها أو التلاعب بأسمائها، نظراً إلى أنه لا يمكن أن نُرهق مالية الجامعة».

وانتقل إلى تفنيد هواجس المتعاقدين، قائلاً: «تبلّغتُ خشية بعضِكم من فسخِ العقد معه في حال تحرّك، أطَمئنكم أنّ العقود تفسَخ فقط في الإدارة المركزية وفقط في حال تقصيركم أنتم فقط»، متابعاً: «أسماؤكم في الحفظ والصون، والله يفرج عن ملفكم». فيقاطعه أحد المعتصمين: «بعد في أمل؟». فيردّ أيوب: «بطبيعتي كطبيب، أعتبر أنّ الصفر فاصلة صفر صفر واحد في المئة هو أمل كبير، لذا دائماً ثمّة أمل». ليسأل الأستاذ: «هل من الممكن أن يظهر شيء قبل الأربعاء المقبل، موعد انتهاء إضرابنا المرتقَب؟». فيردّ أيوب: «بكون حلم حلو».

وتوقّفَ أيوب عند أهمّية قرارات مجلس الجامعة، قائلاً: «نحن في الواقع أمام ملفّ شفّاف لم تتمّ الموافقة عليه، وأنا شريك بعدمِ الموافقة لأنّ قرار المجلس في نظري مقدّس، وأتحمّل المسؤولية كاملة عن المجلس بهذا القرار، ولكن لا أنسى أهلي وناسي الذين هم أنتم الأساتذة»، نافياً أن يُسمح بالتلاعب «بأيّ إسم ورَد في الملف تحديداً من ضِمن الـ 568 أستاذاً، والذين أحرص على أن تبقى أسماؤهم مجهولة ومحفوظة».

وسأله أستاذ متعاقد: «تتمنّى علينا الابتعاد عن الإضراب، ما البديل برأيك؟».

فيردّ أيوب: «لا أفرض عليكم شيئاً، إنّما أتمنّى منكم الابتعاد عن أيّ شيء يضرّ بمصلحة الطلّاب».

وعلت نقمةٌ مشتركة من الأساتذة المجتمعين: «يعني ما في موعد محدّد للتفرّغ؟»، «يعني ما رَح نتفرّغ؟». فيجيب أيوب: «هذا سَمك ببحر». للحظة، ساد الصمت وانحبَست أنفاس الأساتذة.

وحرصَ أيوب على تكريس الأولوية لملفّ التفرغ، موضحاً أنه «تبرز تخصّصات جديدة في العلوم والهندسة، ويَكمن صالح الجامعة في اجتذاب الأساتذة لها، أي أنّ ضمّ الأساتذةِ سيشكّل غنىً للجامعة، ولكن يبقى الأساس لملفّ الأساتذة المستحقّي التفرّغ، لذا لا إمكانية لربطِ الملفّين بين الأساتذة المستحقّي التفرّغ والأساتذة غير المستحقّين ولكن من أصحاب التخصّصات النادرة والواعدة وتحتاجها الجامعة».

عام 2040 كلّ أساتذتنا سيّدات

تزاحمت الأسئلة في فكر الأساتذة، وتسابقوا في ما بينهم على الاستفسار من أيوب، وبَرز اعتراض لأستاذة: «أعطوا المجال للسيّدات!». فبادرَها أيوب مبتسماً: «نحن نبني عملنا على الإحصاءات والدراسات، ونتوقّع في العام 2040 أن يكون الطاقم التعليمي برُمّته من الجنس اللطيف».

فتابعت الأستاذة سؤالها: «هل سيتمّ احتساب الخبرة العملية غير التعليمية؟». فقاطعَها أيوب: «الخبرة المهنية غير التعليمية تُحتسب فقط في الفنون، وغيرها لا يتمّ الاعتراف به، وهذا التزاماً منّا بالمعايير المحدّدة والمطبّقة في الجامعة منذ تأسيسها»، مشيراً إلى أنّ «العمر من ضِمن المعايير الأساسية التي تمّ التوقّف عندها، فمَن شارَف على التقاعد وأفنى عمرَه في الجامعة لا يمكن إلّا أن نسعى له بالتفرّغ، وننحنيَ لمجهوده».

بعدها، أعطيَ الكلام لإحدى المتعاقدات، فسألت: «كيف يمكن لنا ألّا نُظلمَ ريثما يتمّ الاتفاق على حلّ عقدةِ تأمين التوازن الطائفي في التفرّغ؟ نحن نخشى من عرقلة الملف في الحكومة سياسياً بعد موافقة مجلس الجامعة عليه، لذا نريد حلّاً». وتضيف: «ليس لدينا مشكلة في إضافة أسماء الأساتذة ليتمّ تأمين التوازن الطائفي، وبالتالي لا يضيع حقّ المستحقّين فعلاً للتفرّغ». فيجيب أيوب، أنه «قد لا يكون لديك مشكلة، ولكن للجامعة مشكلة كبيرة، وأبرزُها التوازن المالي»، مشدّداً على عدم التعاطي بالمنطق الطائفي في الجامعة.