IMLebanon

ماذا بعد الاعتراف بإيران قوة إقليمية

الاتفاق النووي مع إيران هو سابقة دولية بكل معنى الكلمة لها انعكاساتها على المدى البعيد على مستقبل شعوب دول المنطقة كلها وليس فقط على إسرائيل التي تصور البرنامج النووي الإيراني بأنه يشكل خطراً على جوهر وجودها، وترى في إيران عدوة شرسة لها.

ان الدول العظمى التي يتسابق اليوم وزراء خارجيتها ورجال أعمالها على زيارة إيران أملاً في الحصول على حصة من الاموال الإيرانية التي سيفرج عنها بعد رفع العقوبات، تفاوضت مع إيران ووقعت اتفاقاً معها نيابة عن العالم ولكن بصورة خاصة نيابة عن شعوب المنطقة كلها. ومن حق هذه الشعوب ان تعرف فعلاً ما اذا كان هذا الاتفاق كما يقول الرئيس الأميركي سيبعد الحرب ويعيد الامن والاستقرار.

لقد هدفت المفاوضات النووية مع إيران في الدرجة الاولى الى الحؤول دون تحول إيران دولة نووية الامر الذي من شانه ان يكسر احتكار إسرائيل لهذا السلاح ويغير موازين القوى في المنطقة ويعجل في سباق التسلح النووي بين دول المنطقة. كما كان هدفها احتواء الضغط الذي مارسته إسرائيل وتهديداتها باستخدام الخيار العسكري للقضاء على البرنامج النووي الإيراني.

لا نريد الوقوع في التضخيم الإسرائيلي لمغبة الاتفاق النووي مع إيران واحتمال تحولها دولة على عتبة النووي، ففي النهاية لو نجحت إيران في كسر الاحتكار الإسرائيلي للسلاح النووي في المنطقة فان هذا مدعاة للأمل وليس للخوف. كما يحق للشعب الإيراني ان يعيش بكرامة وان يتحرر من العقوبات الدولية المفروضة عليه والتي شلت اقتصاده وأعاقت نموه وازدهاره. ولكن يبقى السؤال الاساسي كيف ستترجم إيران الاعتراف الدولي بمكانتها الاقليمية على صعيد سياساتها تجاه الدول المجاورة لها والعربية تحديداً؟

ان الدول العظمى التي تفاوضت مع إيران ليست لها حدود مشتركة مع هذا البلد، ولا تعاني تمويل إيران للميليشيات المسلحة التي تشكل دولة ضمن الدولة، وليست مصابة بداء الصراعات المذهبية التي تقسم المجتمعات العربية عمودياً. واذا كانت هذه الدول العظمى، ولا سيما منها الأوروبية، بدأت تستشعر في الفترة الاخيرة الخطر الجهادي والتطرف الاصولي الذي يفتك بالمنطقة ويعيدها الى عصور الظلام، فانها بمنأى عن النتائج المباشرة المترتبة على الصراع المذهبي الدموي الدائر هنا، وعلى النزاع الناشب بين محور الدول السنية بزعامة السعودية والمحور الشيعي بزعامة إيران.

تراهن الدول العظمى على ان الاتفاق مع إيران سيشكل مدخلاً لدور إيراني بناء وايجابي في المنطقة. والامل ان يكون هذا الرهان يستند الى وقائع فعلية لا الى تمنيات وافتراضات.