سمير منصور
8 نيسان 2015
لئن كانت “عاصفة الحزم” العسكرية ضد الانقلاب الحوثي في اليمن قد طغت على كل حدث آخر في الاسابيع الماضية، بما في ذلك الحوار الاميركي – الايراني حول الملف النووي، وشكلت “خطراً” على الموعد المقرر لمؤتمر الدول المانحة من اجل اللاجئين السوريين، حيث لم يستبعد بعض القيمين على تنظيمه احتمال تأجيله الى موعد آخر، ولكنه عقد في الموعد المحدد نتيجة اصرار كويتي وتجاوب من الامم المتحدة والدول المشاركة فيه والتي بلغ عددها 78 بالاضافة الى اربعين منظمة دولية وانسانية. وباعتراف الجميع من الوفود المشاركة فان المؤتمر لم يسجل الارقام المتوقعة، ولكنه في الوقت نفسه سجل نجاحاً بكل المقاييس سواء لجهة انعقاده في موعده، او لجهة الحضور العربي والدولي وفي مقدمه الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون، وبالتأكيد لجهة النتائج التي تحققت من خلاله، وكانت حصيلتها 3,8 مليارات دولار دعما للوضع الانساني للاجئين السوريين. وكانت مشاركة لبنان في المؤتمر من ابرز المشاركات العربية والدولية لجهة مستوى التمثيل، فقد كان الوفد اللبناني برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام على رأس وفد حكومي ضم وزراء الشؤون الاجتماعية والداخلية والعمل والزراعة، وهي ليست مصادفة، بل لان لبنان يستضيف نحو مليون ونصف مليون لاجىء سوري، وهو معني بكل خطوة تتعلق بالاهتمام بهم. وكانت ورقة العمل التي أعدها لبنان للمؤتمر، تميزت هذه السنة بطلب دعم المؤسسات اللبنانية التي تعنى باللاجئين، ولا سيما منها الصحية والتربوية والكهربائية والمائية. وانطلاقا من الدور “المرهق” الذي يضطلع به لبنان في هذا الصدد، فقد احيط الوفد اللبناني باهتمام خاص، حيث حرص امير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح على استقبال الرئيس سلام واستمع منه باهتمام الى تفاصيل ورقة العمل اللبنانية، وقد ركز سلام في اللقاء على ان “المؤسسات ذات الصلة بمساعدة النازحين وهي تعاني في معظمها هشاشة في اوضاعها، كما تناول الوضع الأمني المتأثر يومياً بتداعيات الحرب السورية، وعرض الخطوط العريضة لـ”خطة الاستجابة” اللازمة للعامين 2016 – 2015، وتفوق قيمتها ملياري دولار، وتشمل دعم المؤسسات اللبنانية المشار اليها، وقد وضعت بالتنسيق مع المنظمة الدولية وقيمتها ملياران ومئة مليون دولار”.
وتقول مصادر حكومية لبنانية ان “الاستجابة كانت مرضية الى حد بعيد”، وتنوه بالدور الكويتي “المتميز” والذي أدى الى نجاح المؤتمر للسنة الثالثة على التوالي، وترى ان “المكان” يؤدي دوراً مهما في هذا النجاح ولا سيما في الظروف السياسية والامنية التي تمر بها المنطقة، وان “من هنا يمكن القول ان انعقاد المؤتمر في الكويت ساهم في نجاحه، ولا سيما ان الدولة المضيفة كانت القدوة في المبادرة باعلان الشيخ صباح تبرع الكويت بـ500 مليون دولار دعماً للوضع الانساني للاجئين السوريين”.
وترى هذه المصادر ان “ما تقوم به الكويت بتواضع ودون ادعاء أداء دور اكبر على المستوى العربي او الدولي، من شأنه أن يعزز مكانتها بين الدول العربية وفي العالم، ويؤهلها للاضطلاع بدور مميز ستكون المنطقة في حاجة اليه في المدى المنظور، ولا سيما لجهة الاتصالات على المستوى العربي والاقليمي” وتلفت المصادر نفسها الى كلام الامين العام للامم المتحدة قبل مؤتمر الكويت وبعده، وتقول انه “لم يكن من باب المجاملة، بل اختصر الواقع عندما قال ان الكويت باستضافتها مؤتمر المانحين انما اضطلعت بدور محوري في تشكيل قاعدة للحوار والتنسيق بين الجهات المانحة، دعما للوضع الانساني في سوريا، او عندما قال انه يلجأ الى نصيحة الشيخ صباح اينما تبرز ازمات، وخصوصا منذ اندلاع الحرب السورية”.
ولعل ما يساعد الكويت على الاضطلاع بالدور الذي اشارت اليه المصادر اللبنانية والامين العام للامم المتحدة، هو كونها بالاضافة الى سياسة متوازنة، تصدرت قائمة الدول الاكثر سخاء في المساعدات الانسانية الدولية عام 2013، قياساً الى الدخل القومي الاجمالي، اذ حلت في المركز الاول خليجياً والثاني عالمياً من اصل 20 دولة بحجم مساعدات بلغت 327 مليون دولار، ولم تقتصر المساعدات الكويتية على القنوات الحكومية، بل شملت مؤسسات خيرية، وقد تصدرت سوريا الدول التي شملتها المساعدات وبلغ مجموع ما قدم لها (للاجئين داخل سوريا وخارجها) 1,5 مليار دولار، وحل السودان في المركز الثاني بقيمة 865 مليون دولار ثم الضفة الغربية وقطاع غزة في المركز الثالث بقيمة 654 مليوناً، والصومال في المركز الرابع بقيمة 627 مليونا. وهذه الارقام التي تنقلها المصادر اللبنانية عن صحف ووسائل اعلام في الكويت، تقول انها “لا تكشف جديداً، بل تؤكد اهمية الدور الذي ينتظر الكويت في المرحلة المقبلة سياسياً، على مستوى المنطقة خصوصاً”.