بعد زمن مرير شارف على السنة الثالثة من الشغور الرئاسي، عاد الانتظام بدءا من رأس الدولة، مع انتخاب الرئيس العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. واليوم، والعهد يقترب من اضاءة شمعته الأولى لمناسبة مرور سنة واحدة من العهد، فما الذي تحقق، وما لم يتحقق من الطموحات والأهداف التي حملته الى سدّة الرئاسة. وأفضل وسيلة للحصول على شهادة بلسان العهد عما تحقق وما لم يتحقق، هي العودة الى خطاب القسم الذي كان واضحا وجازما، في تحديد الأهداف التي سيعمل على تحقيقها…
***
كان من الطبيعي أن تكون النقطة الأولى في خطاب القسم مستوحاة من المعاناة المريرة السابقة للمجتمع اللبناني الشعبي والسياسي، والوعد بتأمين استقرار يتوق اليه اللبنانيون كي لا يبقى أقصى الأحلام حقيبة السفر! وهذا الهدف تحقق جزئيا على الصعيد السياسي ليس بجهد رئيس الجمهورية وحده، وانما بمشاركة رئيسي السلطة التشريعية نبيه بري، والتنفيذية سعد الحريري، والعديد من قادة القوى السياسية الوازنة. هذا على الرغم من أن أواخر العام أخذ ينبئ باهتزاز حكومي وسياسي بعد التهديدات المتكررة لوزراء القوات ونوابهم بل ورئيسهم أيضا!
***
البند الثاني في خطاب القسم تضمن وعدا ب إقرار قانون انتخاب يؤمّن عدالة التمثيل. وهذا الوعد تحقق أيضا ولكن الخلقة لم تكن مكتملة! النقلة كانت جوهرية من النظام الأكثري الى النظام النسبي، لكن النسبية كانت ناقصة بتوزيعها على ١٥ دائرة. واليوم يعضّ كثيرون أصابعهم ندما على معارضتهم إقرار قانون انتخاب نسبي على أساس لبنان دائرة واحدة! القانون تمّ إقراره، ولكن العبرة في التنفيذ. وعلى الرغم من اللغط الكثير حول اجراء الانتخابات في موعدها، فالدلائل تشير الى انها ستجري كما هو مقرّر مهما كلّف الأمر!
***
البند الثالث وضع الأولوية لمنع انتقال شرارة النيران المشتعلة في المنطقة الى لبنان، والابتعاد عن الصراعات الخارجية واتباع سياسة خارجية مستقلة، واحترام ميثاق الجامعة العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه… وهي تنص على احترام دول الجامعة لأنظمة الحكم القائمة، ولا تعمل على تغييرها بأية وسيلة. صحيح ان منع انتقال الشرارة الى لبنان تحقق حتى الآن، لكن احترام المادة الثامنة ليس بيد لبنان، ولا كذلك بقدرته على اتباع سياسة مستقلة.
***
البند الرابع تحدث عن التعامل مع الارهاب استباقيا وردعيا وتصديا حتى القضاء عليه. وهذا البند هو مفخرة انجازات العهد بما حققه الجيش في التصدّي للارهاب ودحره في معركة فجر الجرود، ومشاركته مع الأمن العام والقوى الأمنية الداخلية في التعامل مع الارهاب التكفيري والاسرائيلي معا، استباقيا وردعيا، وكان للمقاومة في لبنان دور في هذه المواجهة مثلثة الأبعاد.
***
البند الخامس: معالجة مسألة النزوح السوري وتأمين العودة السريعة لهم الى بلدهم. وتحوّلت هذه المسألة الى واقع خلافي حاد حتى الآن، والعمل جار على تذليل العقبات. وهذه من القضايا التي لم ينجح العهد بتحقيقها، وليس في الأفق القريب ما يشير الى ذلك. وهذه قضية يطغى عليها الاقليمي والدولي أكثر من العنصر المحلّي. أما البنود الأخرى التي تتعلق بدولة التخطيط والاصلاح الاجتماعي والاقتصادي، والوقاية من الفساد، وتعيين هيئة لمكافحته، وتفعيل أجهزة الرقابة… كل هذه الأمور بقيت حبرا على ورق ومستعصية على التنفيذ كما في كل العهود السابقة… ولعلها ستبقى في دائرة الاهتمام خلال السنوات اللاحقة من العهد.