أكثر ما أعجبني في ما كتبه أحد الزملاء عنوان مقالته وهو: «ما لم يؤخذ بالحرب لا يؤخذ بالسلم».
فعلاً الزميل منسجم مع نفسه أكثر من اللزوم خصوصاً أنّ من يقرأ المقالة يفترض أنّ المعارضة كانت تسيطر على كامل سوريا وبعد أربع سنوات ونصف السنة أصبحت المعارضة تسيطر فقط على 20٪ من مساحة سوريا!.. ويبدو أنّ زميلنا العزيز كان متفوقاً في علم الحساب.
النقطة الثانية أنّه يشبّه المشاركة الايرانية في مؤتمر ڤيينا بالمشاركة السابقة في مفاوضات الملف النووي… يقول زميلنا إنّ إيران أجبرت أميركا على شروطها! فعلاً هو صادق في ما يقول لأنّه بعد عشر سنوات وبعد انهيار الاقتصاد الإيراني وبعد معاناة الشعب (طبعاً المهم أنّ نظام ولاية الفقيه لم يشعر بتلك العقوبات لأنّه ليس من الشعب) وبعد العقوبات على تصدير النفط وبعد وبعد(…) رضخت إيران الى شروط أميركا واستغنت عن تخصيب اليورانيوم وفعلياً حاولت إيران أن تقول إنّها لا تريد أن يكون لها مفاعل نووي لأنّ هذا محرّم شرعاً! بعد عشر سنوات أصبح محرّماً!
النقطة الثالثة أنّ إيران متمسكة بالرئيس الاسد، جميل فلماذا لا يأخذونه ويعينونه في طهران وينضم الى ولاية الفقيه طالما هناك إعجاب به، يبدو أنّ الايرانيين لم يدركوا ماذا حصل في سوريا خلال هذه السنوات الاربع والنصف، وكأنهم لم يعلموا أنّ النظام قتل أكثر من 300 ألف وأكثر من هذا العدد من المفقودين ولا أحد يعلم هل هم على قيد الحياة أم لا… ودمّر أكثر من نصف سوريا وهدّم المستشفيات والجامعات والمدارس والمساجد ودور العبادة والمؤسسات الحكومية ومعظم مبانيها وغيرها…
وبعد هذا كله يقولون إنهم متمسكون ببقاء الأسد! فهل يوجد إنسان عاقل يمكن أن يفكر أو أن يتحدّث عن بقاء الاسد.
الحل الوحيد هو كما حصل مع زين العابدين بن علي، لانه الحل الأفضل وإلاّ سيكون مصيره كمصير صدّام حسين ومصير معمّر القذافي.
أما بالنسبة للانتصار الوهمي الكبير الذي يعتبره ولاية الفقيه أنّه انتصار فإن الشيطان الأكبر (هكذا يسمّي أميركا) سمح له أن يأتي الى ڤيينا لأنّه يعلم علم اليقين أنّ ليالي ڤيينا النووية كانت أنيسة ومسلية وممتعة مارس فيها الشيطان الأكبر كل شذوذه على نظام ولاية الفقيه وأجبره (طبعاً بعد عشر سنوات) على الرضوخ.
وهنا أتساءل: طالما أنّ نظام ولاية الفقيه وافق على المشروع المطروح منذ عشر سنوات فلماذا أتعب نفسه بالعقوبات؟ وهل ولاية الفقيه مصاب بالسادية لذلك يحب أن يتعذب قبل أن يوافق على شروط الشيطان الأكبر؟!.
النقطة الأهم وهي محاربة التكفيريين… وهذا العنوان الرئيسي الذي جاء من أجله بوتين لأنه يخاف أن يستولي «داعش» على سوريا لانه سيخسر آخر موطئ قدم له في منطقة الشرق الأوسط.
لذلك الشيطان الأكبر وافق على دخول بوتين عسكرياً ولكن طبعاً هناك خطوط حمر له وللجميع.
ويقول زميلنا إنّ إيران تلعب لعبة شراء الوقت كما فعلت في النووي على أساس أنّ الاتفاق النووي حقق انتصاراً عظيماً لولاية الفقيه ومن ثم القضاء على الارهاب في سوريا والعراق ومن ثم إطلاق عملية سياسية بالتوازي لاحتضان مَن يقبل الحوار من المعارضين السلميين والمسلحين في سبيل إيجاد أرضية تفضي الى انتخاب مجلس شعب ورئيس جمهورية…
فعلاً مشروع متماسك وجميل ولكن لو عدنا الى الوراء الى بداية الثورة السورية، فما هي المشكلة في ذلك الوقت؟ طبعاً المطالب التي كان يرفضها الرئيس بشار ورد عليها بالنار والمدافع والدبابات والصواريخ والبراميل المتفجرة! والأهم أن نتذكر أنّه قبل مجيء ولاية الفقيه الى إيران لم تكن هناك مشكلة في العالم العربي كله، المشكلة بدأت مع مجيء مشروع ولاية الفقيه ومشروع التشيّع.
إنّ الحل الحقيقي لكل هذا الارهاب هو تراجع إيران عن مشروعها الطائفي الذي كان السبب الحقيقي في ولادة الارهاب وتناميه.