IMLebanon

ما لم يقله السيد حسن؟

لم ينجح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مقاربته مشكلة عرسال، الا من خلال وجهة النظر السورية التي أوحى من خلالها أنه كان على حق بالنسبة الى مشاركة الحزب في الصراع السوري الداخلي، على رغم ما أدى اليه ذلك من اقحام لبنان في نزاع لا طاقة له على احتماله، خصوصاً ان الحرب السورية مرشحة لأن تستمر طويلاً أكثر بكثير مما توقعه نصر الله والحليف الايراني الذي «عرف كيف يقونن مشكلته مع تركيا» من غير ان يتأثر بوجهة النظر السورية القائمة على أساس غير متوازن مع رأي أميركا في تطورات المنطقة!

صحيح ان طهران عرفت الى الآن كيف تتجنب الأذى العسكري الاميركي جراء الخلاف على الملف النووي. لكن ذلك ليس نهاية المطاف بعد عدد من التنازلات السياسية والعسكرية التي لا بد منها، بحسب اجماع المراقبين الديبلوماسيين، فيما لم يقدم نصر الله كشف حساب بالنسبة الى «علاقته المسطحة» مع ايران، الا ان ذلك لا يعني ان الحزب مرتاح الى وضعه في سوريا، بالاستناد الى مجموعة عوامل من الصعب القول إنها لمصلحة لبنان عموماً ولمصلحة الطائفة الشيعية خصوصاً، والأدلة على ذلك تكمن في استثارة التنظيمات السنية في كل من سوريا والعراق؟

لذا، يستحيل القول ان كلام نصر الله قد أخذ حصة لبنان من المشاكل في الاعتبار، مهما حاول التخفيف من عمق أزمة «داعش» و«النصرة» والأمر عينه ينطبق على ما كان يراه سابقاً عندما يقول ان حزب الله قد لاقى «داعش» والنصرة» على الارض السورية من قبل وصولهما الى لبنان، فيما يعرف الجميع ان قدرات التكفيريين فاقت التصورات وزادت من عمق المشكلة الشيعية – السورية التي كان البعض يخفف من سلبياتها بلا طائل!

والشيء الآخر الذي لم يتطرق اليه نصر الله، هو موضوع الرئاسة في لبنان باستثناء  تأكيده ان علاقته مع حلفائه وتكتل التغير والاصلاح والتيار الوطني قد منع استفراد العماد المتقاعد ميشال عون، من غير حاجة الى ان يقربه الحزب بكل ثقله من رئاسة الجمهورية بقدر ما أبعده عنها بشكل حاسم ونهائي، ومن غير حاجة الى اعادة نظر جدية بالنسبة الى هذا الاستحقاق اللبناني الذي منع انتخاب رئيس الجمهورية من دون ان يمنع التمديد لمجلس النواب، ما أدى تكراراً الى جعل الجمهورية بلا رأس، فيما يعرف الحزب وغيره في قوى 8 آذار ان لا مجال أمام أحد للتأثير على قوى 14 آذار التي زادت من حجم أخطائها جراء قبولها بالتمديد لمجلس النواب قبل البت بموضوع الرئاسة الأولى كما سبق لها القول، ربما للتقليل من تأثير الخصومة عليها؟!

ماذا قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله غير ما كان يقصد افهامه للبنانيين من طلته الاعلامية – الاعلانية أول أمس، طالما ان شيئاً واحداً لم يتغير ولا قدر الحزب على القول أنه غيره في الداخل وفي الحرب السورية التي يستحيل عليه الخروج منها مهما اختلفت الاعتبارات المحلية والاقليمية والدولية، باستثناء عدم القول الى أين يمكنه الاستمرار في حربه السورية وفي نظرته غير اللبنانية الى الصراع الداخلي السوري – الايراني، وهذا بدوره من ضمن ما ينطبق عليه المثل القائل ان حزب الله قد ربح في الخارج ما ليس بوسعه توظيفه في الداخل؟؟

واللافت أكثر من كل ما عداه هو قوله تكراراً ان من مصلحة الحزب المحافظة على شعور اللبنانيين بأنه غير معني بخصومات الداخل من خلال الأقنية التي تؤكد علاقته مع الجميع بما في ذلك علاقاته مع خصومه، لاسيما قدراته على التحكم بقرار 8 آذار من غر حاجة الى اقحام جماعته بخلافات التيار العوني وتكتل التغيير والاصلاح اللذين يصران على ان يبقيا غير شكل بالنسبة الى الموقع اللبناني العام، من دون حاجة الى ان تكون علاقاتهما طبيعية مع الآخرين!

إن اطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أول أمس كان بوسعه حصرها بما يطمئن جماعته على أنه غير محرج جراء وصول «داعش» و«النصرة» الى الداخل اللبناني لأنهما أصبحا على مسافة قريبة من «الخزان البشري الشيعي»، اي منطقة بعلبك – الهرمل التي تشكل قمة المواجهة في هذا الظرف الدقيق والحرج من عمر الازمة السورية، إضافة الى ان عقدة المشاركة في الحرب السورية مستمرة حتى اشعار آخر، ليس لأن الحزب يريد انهاء المهمة التي بدأها، بل لأنه مكره على عدم اغضاب الحليف السوري و«ولي الأمر» الايراني، حيث لكل منهما حساباته في لبنان على رغم مشاكل البلدين الاقليمية والدولية من غير حاجة الى ان تكون مع الاميركيين وحدهم، طالما بقي من يرى في الغرب ضرورة اعادة التقسيم الى المنطقة في ظل ظروف ساخنة ليس بوسع أحد الاعتراض عليها؟!