IMLebanon

ما صحّة الأخبار عن دخول إسرائيلي على خطّ معارك القلمون ؟

فيما تبقى التقديرات حول حجم المعركة وموعد انتهائها في دائرة التوقعات، وبشكل ادق مرتبطة بالظروف المحيطة بالمناطق التي تشهد المواجهات، تجمع التقارير المتوافرة ان ما تشهده الحدود اللبنانية – السورية عند السلسلة الشرقية، سيبقى محصورا بمنطقة العمليات، نتيجة قرار فريقي المعركة من جهة، رغم التهديدات الشكلية عن تحريك خلايا نائمة، وليقين الطرفين ان المعركة طويلة لا يمكن الجزم بتوقيت محدد او رسم سقف زمني في الزمان والمكان لها، من جهة ثانية، رغم الانجازات الموضعية لحزب الله.

من هنا تعتبر مصادر مطلعة ان لكل من الفريقين خططاً مدروسة، تاخذ بعين الاعتبار الخسائر المتبادلة، في معركة لن ترحم، لافتة الى أنه على الرغم من بعد مسافتها لكن توتراتها أقرب بكثير مما يظن البعض، مشددة على ان خروج اي منهما منتصراً يعني رسم معالم جديدة للحرب السورية، وليبقى المطلوب التهدئة وتنفيس الإحتقان الداخلي الى أبعد حدود، وهذه مسألة خطيرة قد تطرح معها اسئلة عن نيات الجماعات المسلحة في تحريك أنشطة إرهابية ينفذها ربما لاجئون سوريون في أماكن أخرى لصرف الإنتباه او حتى لتمكنهم من استراحة مامتوقفة عند عدد من النقاط ابرزها:

-تردد معلومات عن انقطاع الاتصال مع مسؤول جبهة النصرة في القلمون أبو مالك التلي كليا وغياب اي تفاصيل عن مكانه وعما اذا كان قد قتل او وقع في الاسر او تمكن من الفرار.

-سقوط الهدنة بين جيش الاسلام ومقاتلي الدولة الاسلامية في منطقة القلمون الشرقي، ما قد يساهم في تحسين شروط المعركة، خاصة مع انضمام عدد كبير من مسلحي داعش الى جيش الفتح، خاصة ان تلك المنطقة تضم عددا كبيرا من مخازن الاسلحة.

-تزايد المخاطر المحيطة بحياة العسكريين الاسرى بعد اقتراب المواجهات من اماكن سبق ان تواجدوا فيها، والمعلومات المتداولة عن تمكن «جيش الفتح» من الوصول الى عدد من العسكريين الاسرى لدى الدولة الاسلامية بعد المعارك التي وقعت بين الطرفين.

-الحملة المنظمة والممنهجة التي شنها مقربون من حزب الله على مواقع التواصل الاجتماعي مستهدفة الجيش اللبناني، والتي عزاها البعض الى نقمة «شيعية» امام امتناع الجيش عن التدخل في المعركة القائمة، وهو ما استدعى تدخلات واتصالات سريعة بين قيادة حزب الله وقيادة الجيش، اكدت خلالها الاخيرة على موقفها بعدم الانجرار الى اي مواجهة، اسفرت عن تراجع الحملة بشكل ملحوظ.

-دخول تل ابيب على الخط، عبر تسريب اخبار على مواقع الكترونية عبرية عن غارات مزعومة واستهداف لقوافل حزب الله ونشر اسماء لقتلى سقطوا، من جهة، وسط تاكيد جهات في الثامن من آذار ان طائرات نقل عسكرية الاسرائيلية القت باطنان من المساعدات من اسلحة وذخيرة ومواد غذائية وطبية للمسلحين، وسط غارات وهمية نفذت فوق القلمون خلال الايام الماضية.

ورات المصادر في تراجع الحزب عن الاعلان الرسمي عن انطلاق حملة القلمون، انما يعود بجزء كبير منه الى «مخاوف» الحزب من ارتفاع منسوب التوتر المذهبي في الداخل على وقع الهجمات والحملات الكلامية المنظمة، والتي شكلت نقلة نوعية في تعرضها لرموز الحزب بشكل غير مسبوق، رغم عدم تجرؤ تيار المستقبل على مناقشة الموضوع على طاولة مجلس الوزراء خوفا من ان يتسبب ذلك في تطيير الحكومة، رغم ان الاخيرة لم تنأ بنفسها عن مسؤولياتها في التحسب لكل الاحتمالات التي تمليها هذه المعارك، والدليل انعقاد مجلس الامن المركزي في جلسة خُصصت لدرس الاجراءات الأمنية الضرورية والتنسيق بين الاجهزة، قبل ان يرأس رئيس الحكومة تمام سلام اجتماعاً أمنياً للغاية نفسها، اصر خلاله العماد جان قهوجي على الجزم امام الحاضرين، بان الجيش غير معني بما يجري داخل الحدود السورية وان مسؤوليته تنحصر بحماية الداخل اللبناني حيث يتواجد وتنتشر وحداته.

في الحصيلة العسكرية استطاع حزب الله السيطرة على كامل جرود بلدة الجبة ليكون بذلك فرض سيطرته على كامل جرود القلمون الاوسط بعد سيطرته الاسبوع الماضي على كامل جرود عسال الورد، اي ما يعادل حوالى 150 كلم2.سيطرة تتيح له تأمين القاعدة الاساسية للمباشرة بتنفيذ المرحلة الثانية من خططته التي تستهدف جرود عرسال في الاراضي اللبناني الموازية لجرود رأس المعرة وفليطة وبالتحديد «تلة موسى»، والتي تشكل التحدي الاصعب والتي من المتوقع ان تشهد معركة كبيرة جداً، نظرا للتحصينات القوية التي انشأها عناصر النصرة على هذه التلة، هذا اضافة الى التفوق الذي تكتسبه النصرة اذ ان عناصرها سيقاتلون من ارتفاع اعلى من القوات المهاجمة، اذ ترتفع التلة نحو 2400 متر في جرود رأس المعرة، التي تشكل مفتاح الحسم في القلمون، نظرا لاهميتها الاستراتيجية، التي تمكن الحزب من احكام الطوق الناري على المسلحين واغلاق الممرات الجبلية التي يستخدمونها للتنقل، ونقل الامدادات البشرية واللوجستية، اذ من يتمركز فيها يسيطر بالنار على جزء واسع من جرود عرسال، علما ان الحزب يتواجد حالية على بعد حوالي الكيلومتر منها في «تلة الرفيع».

تكثر التحليلات وتنسج الكثير من الاخبار حول معركة «القلمون»وانعكاساتها على الساحة الاقليمية امتدادا الى اللبنانية، وسط انقسام الداخل على وقع الإتهامات المتبادلة والمواقف وردود الفعل، المتراوحة بين جزم حزب الله بحسمه المعركة وانتقاد تيار المستقبل المتصاعد. فهل تدفع تطوراتها الى جر الجيش اللبناني الى معركة؟ وهل تراجع المسلحين يدل على ضعفهم وتشتت قواهم ام انه تراجع تكتي في انتظار الموقعة الكبرى الآتية؟وهل تؤدي الى فضّ حوار «حزب الله ـ المستقبل»؟ وهل تنتقل الى مراحل أكثر خطورة، يتهدّد فيها أمن لبنان؟ الاسئلة الكثيرة كما الاجوبة مرتبطة بما يمكن ان يستجدّ، رغم ان كل ما يقال يشير الى أن الهوة كبيرة والمرحلة دقيقة، حيث النتائج غير معلومة.فالحزب قرر «تحرير» القلمون وتطهير الحدود الشرقية،والمسلحون المنتشرون على الحدود قرروا عدم السكوت، وصولا الى اسقاط الهدنة واعادة المعركة الى الداخل اللبناني، كما هدد ابو مالك التلي والشيخ احمد الاسير، في مؤشر واضح الى ان الوضع لن يكون سليماً وما تحمله الأيام المقبلة لا يبشّر بالخير.

الوقائع تدل الى ان ما يجري أكبر من معركة نتائج غيرمضمونة. في الانتظار يُحكى الكثير وسيُحكى اكثر مع الايام.