تأخذ الإنتخابات في جونية طابعاً أكثر تنافساً خصوصاً مع بروز لائحتين تسعى كل واحدة منهما لكسب أصوات عاصمة كسروان، وتبقى للصناديق يوم الأحد كلمة الفصل.
من الطبيعي أن يكون رئيس «المؤسسة المارونية للإنتشار» نعمة افرام غارقاً بالعمل في إدارة ورشة الأعمال اللبنانية الصناعية الواسعة في لبنان والمنطقة العربية والعالم، فضلاً عن مسؤولياته كرئيس للمؤسسة المارونية للانتشار، لكنّك تقرأ الجواب في عينيه وعلى محيّاه فورَ طرحِ الأسئلة عليه خلال صبحية في الحديقة الخضراء في جونيه وهو منهمك باتصالات التوافق والمصالحة والوفاق بين فاعليات المدينة على هامش الانتخابات البلدية.
عندما سألته «الجمهورية: عن رأيه في حالة لبنان العامّة، أجاب: «نحن اليوم في غصّة، لأنّ لبنان اليوم لا يشبه الوطن الذي يريده اللبنانيون المبدِعون، ولا لبنان الذي أرسى مداميكَه الأولى الآباءُ والجدود.
هو وطن القيَم، وليس الوطن المشلول الذي يعجَز عن اتّخاذ القرارات، أو البلد الذي ترتسم حوله علامات الاستفهام. وكلّي أملٌ في أن تصبح جونية، بجهود المخلصين وكلّ مَن يحبّها، ذلك النموذج للبنان الذي إليه نصبو ونتوق».
جونية إلى أين؟
• وماذا عن الوفاق؟ يجيب نعمة افرام: يمكن أن تكون مدينتنا جونية صورةً للبنان الذي نريده، وأن يكون البناء وتحقيق الإنماء فيها بداية الطريق في مسيرتنا نحو المستقبل الأفضل لها، فهي مدينتنا أوّلاً وأخيراً».
وعن قصة الوفاق يقول: «التقيتُ في مناسبات عدة شبابَ جونية وفي خضمّ الاستحقاق البلدي، ولمستُ أنّهم يشاركونني هذه النظرة إلى مدينتنا وإلى المجتمع القائم على التعاون وليس على الحقد واختراع المعارك الوهمية».
وتمنّيت على جميع الفاعليات العملَ بجدّية من أجل تحقيق وفاق في جونية ضمن إطار الممارسة الديموقراطية، ولقد قمت بالمستحيل من أجله، وتطلّعتُ إليه وأعمل لتحقيقه، وسأظلّ أفعل إلى آخِر لحظة، فشخصياً لم أشَأ أبداً أن تكون جونية العقَبة الأولى في وجه الوفاق المسيحي – المسيحي»، لأن الوفاق الذي كنتُ أتمنّاه عامٌّ وشامل ولا يستثني أحداً، تكلّله مصالحات تتبنّى مشروعاً إنمائياً يليق بجونية وبأهلها، ويشكّل ترجمةً للمصالحة المسيحية الكبرى، للأسف لم يصل إلى كامل خواتيمه المرتجاة. إلّا أنّ المساعي أثمرَت حول توجّه إنمائي، شاء البعض ألّا يشملهم، وبعد أن قمتُ بالمستحيل لم أفلح، وفي النهاية أبناء جونية لهم أوّلاً وأخيراً يعود القرار».
• ما كانت رؤيتك الوفاقية وما هي عوائقها؟
لقد قدّمتُ التسهيلات كافّة لتحقيق الوفاق المنشود والوصول إليه، حتى أخَذ عليّ البعض أنّني أقوم بذلك من منطلق موقف ضعيف. لكنّني كنتُ قد وضعتُ المصلحة العامّة فوق كلّ شيء.
وذلك في سبيل توفير مناخ مصالحة وتعاون مشترَك يخدم المدينة ويسَهّل المشاريع لنهضتها كمدينة مميّزة على شاطئ المتوسط. وهذه الصورة نقلتُها إلى جميع المعنيين، وخصوصاً إلى العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وبقيّة الأحزاب وكافة فاعليات المدينة، وكانت محوراً لاجتماعاتنا.
لكنّني كنتُ أفاجَأ بموقف مناقض آتٍ مِن صديق قديم كانت تربطني به علاقة جيّدة هو السيّد جوان حبيش، فهو لم يتفاعل مع هذا الطرح، بل كان يرفع دوماً شعار المعركة والأخذ بالثأر و»تكسير الرؤوس»، إلى ما هنالك من شعارات، حتى إنّه لم يقدّم أيّة تسهيلات حتى للفريق الذي يتحالف معه. وكنتُ على قناعة بأنّه لو توافرَت النوايا الحسَنة من جانبه لكانَ في الإمكان الوصول إلى الوفاق المنشود وإلى ما يجمع مدينتَنا في لائحة واحدة.
• وماذا عن التنافس الديموقراطي؟
الديموقراطية حلوة، خصوصاً إذا ما توافرَت أمام ممارستها الروح الرياضية بعيداً من أجواء الحق والشحن وتبادُل الاتّهامات والشتائم، والامتناع عن المبارزة بالشعارات المبتذلة.
جونية في نظري مدعوّة لأن تكون المنارة الفكرية والجمالية لهذا اللبنان الذي نعمل لبلوغِه، لا إلى «حضارة» الكولور سيتي أو إلى صوَر مدينة العهر التي تمّ تظهيرُها في الآونة الأخيرة بموجب التحقيقات القضائية إثرَ الكشف عن الفضيحة التي هزّت لبنان».
امّا عن التنافس الديمقراطي التي تسأليني عنه فلم يعتمِد آدابه الطرف الآخر بعد ان رُفعت فوق بعض أبنية جونية والجوار لافتات وشعارات لا تليق بالمدينة ولا بطموحات أهلها، وأنا لم أسمح بالردّ عليها أو حتى الخوض فيها، لأسباب مبدئية، كونها بعيدةً عن ممارستنا وأخلاقنا، ومسيئة للمناخات الوفاقية التي نعمل على إيجادها.
لقد تمنّيتُ على الجميع، خصوصاً على شبابنا تجاهلَها وعدمَ الرد عليها. لقد تحوّلَت هوايات البعض إلى ترسيخ الحقد وتعميم النميمة والتحدّي الفارغ من كلّ مضمون. برأيي، الجهد يجب أن يُبذل لتحقيق طموحات شبابنا ومدينتنا بدل الوقوع في مثلِ هذه المهاترات.
• هل تشعر بأنّ هناك حملة على عائلة افرام؟
أنا مستعدّ لأن أديرَ خدّي الأيمن لمن يضربني على الخد الأيسر. في الوقت عينه أريد أن أعرف لماذا؟ وما هو السبب؟ ماذا فعَلنا من سيئات؟ وهل حقّقنا ثروات غير مشروعة؟ هل اعتدَينا على المال العام أو على الحق العام؟ أم على حقوق الآخرين؟ .. هل مارَسنا التشهير أو أمَّنا الحماية للزعران والمعتدين على الناس والخارجين على القانون؟ هل حمَينا المافيات؟ ماذا فعلنا غيرَ الخيرِ لشعبنا ولوطننا؟
إذا سَجّل أحدُهم علينا ثغرةً ما خلال ممارساتنا العملَ العام فجلّ مَن لا يخطئ، والخطأ لا يصل إلى مرتبة الخطيئة، علماً أن لا أحد معصوم عنها. نحن نعمل ولذلك نخطئ، وحده الذي لا يخطئ هو من لا يقوم بأيّ عمل».
• البعض يسأل لماذا فادي فيّاض؟
هذا الشاب هو خرّيج المدرسة الكشفية ومِن تلامذة جورج افرام. وهو ناشط اجتماعي في المدينة وحائز على شهادات علمية عدة من لبنان وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية في مجال الاقتصاد وإدارة الأعمال والديموغرافيا والتسويق. كذلك فهو مؤسّس لأربع جمعيات ومدير عام لمهرجانات جونية الدولية التي صُنّفت الأولى في لبنان من قبَل وزارة السياحة.
ويُعتبَر فياض شخصاً توافقياً كونه على تماس مباشر مع كافة الأطراف السياسية المعنية بالاستحقاق الانتخابي في جونية وتربطه في الوقت نفسه علاقات متينة مع كافة عائلات المدينة والبيوتات السياسية فيها، والأهمّ من كلّ هذا أنّ هذا الشاب قام بما قام به ويقوم به خدمة لمدينته جونية بتواضع كلّي، وهذه مدرسة جورج افرام التي يضيق بعضُهم ذرعاً بها».
• ماذا عن فؤاد البواري؟
«فؤاد البواري شخص لديه خبرة واسعة في العمل البلدي، عمرُها 18 عاماً، وأنا أثني على مسيرته وعلى الشعار الذي رفعَه «مسيرة عطاء». هذا الشخص عملَ بالفعل بصمت من أجل أبناء جونية من دون تمييز وباستقامة مهنية عالية ومن دون ادّعاء».
• وماذا عن جوان حبيش؟!
«كان جوان صديقاً ربَطتني به علاقة قوية، وشقيقُه يوسف أعتبرُه أقربَ مِن أخٍ لي، وقد أمضَينا فترات كثيرة سويّاً. أعرف جوان بالعمق، وهو يجسّد شخصية خاصة. لقد اتّهمني برفع قضية ضدّه وبتكوين ملفّ تناولَ عمله البلدي، وهي قضية وصَلت إلى حدّ إصدار قرار ظنّي من النائب العام المالي. هذه القضية لا علاقة لي بها، وهذا الأسلوب ليس من شيَمي وليس من قيَم عائلتي.
وإذا كانت هنالك من مآخذ على أدائه فالفصلُ به يعود إلى القضاء. وأرجو أن يصل النظر في هذا الملف إلى نهاية طيّبة تكشف الحقيقة، فلا أعتقد أنّ جوان يمكن أن يسيء الأمانة أو يعتدي على المال العام…»
• وما هو برأيك مصير البلدية المنتظرة؟!
البلدية هي حكومة مصغَّرة، هي عنوان لمشروع إنمائي، وليست مجالاً للوجاهة أو لتحقيق الثروة أو لتعزيز مراكز النفوذ على حساب المال العام والقانون والمصلحة العامة… فالإنماء هو الهدف الأساس لوجود المجلس البلدي، وبعضُ السياسيين يحاول أن يجعل الإنماء في خدمة العمل السياسي وليس العكس. ونحن نتطلّع إلى أن تكون جونية منارةً إنمائية نعوِّضها ما فاتها من حرمان.
ويجب أن نبذل جهدنا لإيصال فريق من الشباب المتوثّب للعمل من أجل إنماء جونية. ومن الطبيعي أن يكون التوافق هو الطريق المؤدّي إلى تحقيق هذا الهدف، وهذا ما حصَل من خلال لائحة «جونيه التجدّد- مسيرة عطاء» وأنا لا أريد شيئاً في المقابل لذاتي، بل جلُّ ما أريده أن نحوّلَ جونية إلى المدينة التي باستطاعتنا أن نفتخر بها».