IMLebanon

ماذا يحمل وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان؟

زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أرولت إلى بيروت يومي الاثنين والثلثاء المقبلين لن تحل معضلة الرئاسة اللبنانية، ولن تأتي بمبادرة معينة. فالديبلوماسية الفرنسية تدرك اليوم أن الوضع اللبناني الداخلي معطل بسبب «حزب الله» وإيران. وتستبعد الديبلوماسية الفرنسية أن يكون في الأفق حالياً أي حل لهذه المسألة، نظراً لما سمعته أخيراً من وزير الخارجية الإيراني، عندما التقى الرئيس هولاند. ولكن عندما تتحدث إلى ديبلوماسيين فرنسيين عن مشكلة التعطيل الرئاسي في لبنان، يردون بأنه على رغم التعطيل الحاصل اليوم، ستستمر فرنسا في التحرك والعمل إلى أن تأتي اللحظة التي تتوافر فيها شروط حل هذه المسألة، على رغم أن أوضاع الرئيس الفرنسي الداخلية صعبة. فهو يعاني من انخفاض كبير في شعبيته، لكنه ما زال رئيس بلد قد يكون الوحيد على الساحة الدولية والغربية المهتم والمعني بالملف اللبناني. فلا تمر مناسبة إلا ويثير هولاند الموضوع اللبناني مع زواره إن كانوا عرباً أو إيرانيين أو أوروبيين أو حتى أميركيين. فهو مثل الطبقة الحاكمة في فرنسا من اليسار إلى اليمين مهتم بالملف اللبناني، ويعرف تفاصيله كما كان يعرفها ويهتم بها الرئيس اليميني الأسبق جاك شيراك، الذي تربطه علاقة احترام وود بالرئيس الحالي على رغم أن الأخير اشتراكي. فالجميع يعرف أن شيراك صوّت لهولاند في عام ٢٠١٢ ولا تمر مناسبة إلا ويعبر هولاند عن مودته لشيراك. وآخرها كانت عندما افتتح هولاند معرض جاك شيراك في متحف كي برانلي الذي سمي على اسمه.

وهولاند مثل شيراك له أصدقاء لبنانيون من بينهم الزعيم اللبناني وليد جنبلاط وأيضاً غيره من مقربين لبنانيين يلتقيهم بعيداً من الأضواء في جلسات خاصة وتربطه بهم صداقات، تزوده بالمعلومات حول ما يجري في لبنان. ولديه سفير في بيروت (إيمانييل بون) كان مستشاره للشؤون العربية، وهو بارع في عمله الديبلوماسي ومستشرق يحب لبنان. وكل ذلك للقول إنه على رغم غياب أي مبادرة فرنسية معينة، فإن فرنسا تولي أهمية للبنان ولأوضاعه ومشكلاته، وأرولت الذي لا يعرف لبنان مثلما يعرفه هولاند، آت للتحدث مع جميع الأطراف وحثهم على ضرورة الاتفاق. ولكن الجميع يعرف أن مفتاح الحل لهذه المسألة هو في يد «حزب الله» وإيران. والقيادة الإيرانية تكرر أمام الفرنسيين أن على المسيحيين أن يتفقوا، وتتساءل كيف تحل مسألة الرئاسة في لبنان والرؤية ما زالت غير واضحة بالنسبة إلى الصراع السوري.

إن مفتاح الحل للرئاسة اللبنانية كان في الماضي في سورية، أما الآن فبشار الأسد هو تحت رحمة «حزب الله» وإيران وروسيا، وهي الأطراف التي تحارب الشعب السوري لحماية بشار، الذي لم تعد له الكلمة في الرئاسة اللبنانية. ولسوء حظ لبنان، فطبقته السياسية أتاحت استمرار التدخل الخارجي. ولم يتم انتخاب رئيس في تاريخ لبنان إلا وكان بموافقة إما سورية – أميركية أو سورية – روسية، ولم يحدث أن حصل في لبنان انتخاب رئاسي مستقل بسبب الانقسام في الطبقة السياسية وفشلها في التطلع إلى التحرك لمصلحة الشعب. ولكن الشعب اللبناني يتحمل مسؤولية كبرى عن ذلك لأنه يعيد انتخاب الطبقة السياسية نفسها.

إن محبي لبنان في الخارج في الدول العربية والغربية كثر. والنشاط اللبناني في قطاعي السياحة والثقافة جاذب، لكن السياسة اللبنانية مخيبة للأمل. فزيارة أرولت إلى لبنان مشكورة، لأن فرنسا ما زالت البلد الوحيد الذي يبحث فعلاً عن حل للمشكلة اللبنانية ويتحدث مع الجميع، لكن العبارة التي أطلقها الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي في برلين «لا تسأل ماذا يمكن أن يفعله الخارج لبلدك، بل اسأل ماذا يمكنك أن تفعل أنت لبلدك» يجب أن توجه إلى اللبنانيين.