كل فترة ينطلق طرح جديد بهدف إنهاء الفراغ الرئاسي، حتى ولو لم تكن تلك الطروحات مقبولة من اكثرية الافرقاء السياسييّن، فيطلق طارحوها عنواناً يحمل تسمية «مخرج جديد لمأزق الشغور الرئاسي»، الذي سيتجاوز بمدته العامين في ايار المقبل، وقد حمل هذا المخرج فكرة تقضي بانتخاب رئيس للجمهورية لسنتين فقط، على ان يتفق السياسيون خلال ولايته على قانون انتخابي جديد، فتجري الانتخابات النيابية ثم يتقدم الرئيس باستقالته، ويُنتخب رئيس جديد. مع الاشارة الى ان الطرح المذكور سبق ان اطلقه البعض، وقوبل برفض من قبل الاطراف السياسية والروحية المسيحية.
الى ذلك، شددّت مصادر سياسية مسيحية على ضرورة احترام ولاية الرئيس وعدم المسّ بها، لانها بذلك لا تطبّق المعادلة الميثاقية، سائلة ماذا لو طال هذا الطرح مدة ولاية الرئاسات الاخرى غير المسيحية؟، فهل سيقبلون بها؟، ورأت ان كل هذه الافكار تضعف الموقع المسيحي الاول ودور المسيحيين، فيبدون عاجزين عن حسم قضاياهم الاساسية، خصوصاً ان الرئاسة تبدو وكأنها منسية، لان الناس اعتادوا على مشهد غياب الرئيس بحسب ما نرى. لافتة الى ان الاحزاب المسيحية سبق ان رفضت هذا الاقتراح، خصوصاً انه يحتاج الى تعديل دستوري، والى اجماع في مجلس الوزراء، واقرار في المجلس النيابي بأكثرية الثلثين. فيما الاخير لا يجتمع لإنتخاب رئيس، فهل يقبل بأن يجتمع لتعديل الدستور من اجل تخفيض مدة ولاية الرئيس؟.
وفي هذا الاطار اشارت المصادر المذكورة الى ان الاحزاب المسيحية الفاعلة، لم تأخذ بعين الاعتبار كل ما تم التداول به منذ ايام، بحيث اعتبرت هذا الاقتراح وكأنه مضيعة للوقت او لتمريره، وبالتالي إلهاء بعض المرشحين الطامحين بالوصول الى الرئاسة ولو لسنتين فقط، واصفة الوضع السائد على الساحة الرئاسية بالمعضلة، لان الخلاف الاساسي باق على هوية الرئيس، وليس على مدة ولايته، وبالتالي فهذا الاقتراح وفي حال تحقق يحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية غير الموجود حالياً.
واملت المصادر عينها من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والاحزاب المسيحية، ان يضعوا حداً وبأسرع وقت ممكن لكل هذه الطروحات التي لا تفيد المسيحيين بشيء بل تمعن في إنقسامهم وتفريقهم من جديد، في وقت بدت فيه المصالحة المسيحية حقيقية لأول مرة منذ عقود، ودعت الراعي الى جمع كل المسؤولين المسيحيين كي يعوا حقيقة ما يجري من عملية انقلاب ضدهم، لاننا نمّر في مرحلة بالغة الخطورة، وقالت: «لا بدّ من اجتماع طارئ لكل الوزراء والنواب المسيحيين، لبحث طرق الحفاظ على الموقع الاول ، بعد ان وضعت الازمات اللبنانيين أمام معادلة قد تقضي على ما تبقى من لبنان، وتطيح بالدستور والشرعية، مشددة على ضرورة ان يكون هذا الاجتماع نداء لمواجهة كل ما يهدد الكيان اللبناني».
ودعت سيّد بكركي الى إتخاذ خطوات جريئة لجمع القادة المسيحيين بالقوة، لان حامل صولجان هذا الصرح الكبير له الحق باتخاذ قرارات مصيرية، تعيد الحق الى المسيحيين، قبل ان يصبح هذا الحق في دهاليز النسيان، لان مصير المنصب المسيحي الوحيد سائر على خط الهاوية، وهنالك خوف من فقداننا للموقع الرئاسي بأيدينا.
وختمت «بأن الساحة المسيحية اليوم تنتظر من بكركي شيئاً ايجابياً على الخط الرئاسي، اذ لا زلنا ننتظر الرئيس وسط عواصف سياسية وتشنجات يومية، وبالتالي يجب ان نتحرّك جميعاً ونتحد كي لا تتكرّر المأساة من جديد».