نتوقع ألاّ تأخذ مبادرة الرئيس نبيه بري الى الدعوة لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب أي بُعْدٍ آخر يزيد من التعقيدات القائمة بين بعبدا وعين التينة. وفي تقديرنا أن الرئيس ميشال عون سيأخذ الموضوع برحابة صدر كون الدعوة إنطلقت من إقتناع بأنّ الدورة الإستثنائية التي سيصدر رئيس الجمهورية مرسومها باتت «تحصيل حاصل» وأمراً محتوماً… وبالتالي فإنّ رئيس المجلس إنطلق من هذا الأمر المحسوم فأعلن عن دعوته مجلس النواب الى الإنعقاد في الخامس من شهر حزيران المقبل الذي لا يكون فيه عقد نيابي عادي، والذي لم يصدر بعد مرسوم العقد الإستثنائي فيه.
لذلك نتوقع، بأرجحية كبيرة، أن يأخذ الرئيس عون الأمر بهذه البساطة، فهو ليس من الذين يسعون الى مراكمة المشاكل بينه وبين الآخرين، ولا هو من هواة توسيع الهوّة مع الآخرين.
وعليه فإنّ رئيس الجمهورية يمكنه أن يواجه «المسألة» بواحد من خيارات عديدة. نذكر بعضها ها هنا:
الأول: أن يتعامل مع دعوة بري الى الجلسة بسلاسة… وكأنها سياق طبيعي… إنطلاقاً من أن رئيس المجلس النيابي لم يكن يرمي الى أبعد من التركيز على دعوة المجلس لبحث قانون الإنتخابات الجديد.
الثاني (واستطراداً): أن يعتبر الرئيس عون أن الرئيس بري إنطلق ممّا توصلت إليه الإتصالات والمشاورات واللقاءات بين الأطراف المعنية بالبحث عن قانون جديد للإنتخابات النيابية… وبالتالي فإن عين التينة (وهي في صلب المشاورات) توصلت الى إقتناع بأنّ مشروع نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان قد حصل على شبه إجماع على خطوطه العريضة (وبالذات النسبية والدوائر الخمس عشرة)، وإنها تعرف أنّ التيار الوطني الحر موافق على تلك الخطوط العريضة، وبالتالي فلابدّ من أن الدورة الإستثنائية آتية لا ريب فيها… فكان تعيين موعد الجلسة التشريعية.
الثالث: وفي إمكان رئيس الجمهورية ألاّ يصدر مرسوم الدورة الإستثنائية أساساً، ويرجىء الأمور كلها إلى العقد العادي في أول ثلاثاء يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول المقبل (بموجب النص الذي يحدّد مواعيد العقدين العاديين لاجتماع مجلس النواب). إلاّ أن هذا سيؤدي الى فراغ في مجلس النواب إبتداء من العشرين من حزيران المقبل والبعض يقول إن هذا الأمر ستترتب عليه نتائج قد يتعذر تقدير تداعياتها السلبية وخطورتها.
الرابع: وقد يلجأ الرئيس عون الى خيار وسط، أي أن يفتح دورة استثنائية في منزلة بين المنزلتين، أي لا يكون فراغ ولا تكون الدورة ابتداء من أول حزيران المقبل… وهذا يعني سقوط تلقائي لموعد الجلسة التي دعا اليها الرئيس بري… ومن ثم يحدّد الرئيس عون موعد بدء الدورة الإستثنائية في يوم أو يومين أو أكثر بعد الموعد الذي حدده بري.
وفي تقديرنا أن شيئاً من هذا لن يحصل، والرئيس عون سيصدر، بالإتفاق مع الرئيس سعد الحريري، مرسوم الدورة الإستثنائية لمجلس النواب إبتداء من يوم الخميس الواقع فيه الأول من حزيران المقبل، وعلى إمتداد الشهر، وسيكون جدول الأعمال محدداً في المرسوم ولن يقتصر على مشروع قانون الإنتخاب، بل سيتناول بضع مسائل أخرى، يتفق عليها في ما بين المعنيين.