عندما يقول الرئيس الاميركي باراك اوباما ان “الحل الوحيد” للأزمة السورية هو “توحد” كل القوى السورية ضد “داعش” من دون الرئيس بشار الأسد. فكلامه هو رد مباشر على اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيل تحالف اقليمي يضم دمشق والرياض وأنقرة لمحاربة التنظيم الجهادي.
فالولايات المتحدة لا تزال ترى ان الأسد هو السبب الرئيسي الذي يجعل جهاديي العالم يلتحقون بـ”داعش” وتالياً فإنها تعتقد ان التخلص من الأسد سيساعد اميركا على تحقيق استراتيجيتها في محاربة التنظيم. لكن الاعتقاد الاميركي ينطوي على نظرة سطحية الى الاحداث ولا يأخذ في الاعتبار الخلفية التاريخية لنشأة “داعش” من رحم تنظيم “القاعدة” الذي ولد في افغانستان وانتقل الى العراق بفعل الغزو الاميركي الذي كان العامل الاساس في تجنيد الجهاديين وتوجههم الى العراق.
ثم كيف تتصور الولايات المتحدة ان سقوط الاسد يمكن ان يكون عاملاً مساهماً في اضعاف “داعش” او “جبهة النصرة” او غيرهما من التنظيمات الجهادية، وقت يعترف وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر بأن البرنامج الاميركي لتدريب المعارضين السوريين “المعتدلين” لا يضم حتى الآن سوى 60 رجلا في مخيمات أقامتها اميركا في تركيا والاردن لتدريب هؤلاء كي يشكلوا قوة بديلة من النظام السوري تملأ الفراغ الذي يمكن ان ينجم عن انسحاب “داعش” من مناطق سورية بفعل الغارات الجوية التي يشنها الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع التنظيم في سوريا.
وما دام تدريب “المعتدلين” يسير على هذا النحو البطيء جداً، فالى كم من الوقت ستحتاج اميركا لتجهّز الـ15 الف مقاتل من “المعتدلين” كما جاء في الاستراتيجية الاميركية كي يقاتلوا “داعش”؟
وعندما تعترف واشنطن بالصعوبات التي تواجهها في العثور على “معتدلين” في سوريا لتدريبهم، ألا يجدر بها ان تستنتج من ذلك ان التطرف بات سيد الموقف وان المسألة هي اكبر من مشكلة وجود النظام السوري بحد ذاته وان المشروع الجهادي يتجاوز سوريا الى بقية دول المنطقة والاقليم الى ما هو أبعد ، من غير ان يكون ثمة جواب اميركي، على العوامل التي تجذب الجهاديين الى سيناء ونيجيريا وتخوم آسيا الوسطى والقوقاز وساحات اوروبا؟
إن سوريا لا تعدو كونها محطة من محطات المشروع الجهادي الاكبر الذي يشكل تحدياً عالمياً تهرب واشنطن من معالجته جذرياً بمحاولة إلقاء اللوم على النظام السوري، بينما يتميز الطرح الروسي برؤية اكثر شمولية لمواجهة هذا المشروع.