من الواضح بحسب مصدر سياسي قريب من احد المراجع ان ما اريد من وراء فرض الاستقالة على رئيس الحكومة سعد الحريري من جانب ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، اي ادخال البلاد في اتون ازمة طائفية – سياسية – وطنية ثم احتوائها نتيجة تدارك القيادات اللبنانية لاهداف ما حصل مع الحريري في الرياض، وبالدرجة الاولى من قبل رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ميشال عون ونبيه بري، والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حيث انتجت هذه السياسة الهادئة الابتعاد عن رد الفعل وعن الجنون الذي اصاب بن سلمان وفق ما كان السيد نصرالله وصف ما حصل في لقائه مع كوادر سرايا المقاومة، بعد ساعتين من اعلان الحريري لاستقالته.
كما ان هذه السياسة المسؤولة التي عبرت عنها معظم القيادات وبالدرجة الاولى الرئيس عون من حيث عدم السير بأي خطوة بما يتعلق بقبول الاستقالة تمهيداً لاجراء استشارات نيابية لتشكيل حكومة جديدة، بانتظار افراج السلطات السعودية عن رئيس الحكومة المستقيل، خصوصاً ان كل المعطيات تؤكد ان الحريري وضع في الاقامة الجبرية بعد وصوله الى الرياض عصر يوم الجمعة. وبالتالي فانتقاله الى ابو ظبي لا يغير في واقع الامور، حتى لو سمح له بالانتقال من هناك الى لبنان او احدى الدول الغربية على اعتبار ان عائلة الحريري لا تزال محتجزة بالسعودية، يضاف الى ذلك ان الافراج عن الحريري – المحتمل – حصل بعد اتصالات غربية مع آل سعود، خاصة من جانب السلطات الفرنسية والاميركية، وحتى من جانب مسؤولين روس، مع العلم ان زوار مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان نقلوا عنه في الساعات الماضية انه لن يقوم باي خطوة بما يتعلق بمواجهة تداعيات الاستقالة، الا بعد عودة الحريري الى بيروت لان هناك «شيء ما» حصل معه في السعودية، فحتى الرئيس فؤاد السنيورة اعترف بصورة غير مباشرة بحصول «شيء ما» مع الحريري بقوله ان الاولوية اليوم هي عودة الحريري الى بيروت.
لذلك، فالسؤال الاول الذي يطرح نفسه اليوم، ماذا عن مصير الاستقالة، وما هي الخيارات المطروحة حول رئاسة الحكومة والتشكيلة الوزارية المحتملة؟
وبات مؤكداً بحسب المصدر ان رئيس الجمهورية لن يقدم على اي خطوة حول الاستقالة الى حين اطلاع الرئيس عون من الحريري مباشرة على الظروف التي دفعته للاستقالة مع انه لم يكن قبيل مغادرته بيـروت الى الرياض بوارد الاستقالة لا من قريب ولا من بعيد، وهذا الامر جرى النقاش به مفصلاً فـي اللقـاء الـذي جـمع عون مع الرئيس نبيه بري، حيث كان بينهما تـوافق تام على تعرض الحريري لضغوطـات دفعتـه الى الاستقالة، فحتى بيان الاستقالة لم يستهـدف توجـيه الاتهامات لايران وحزب الله فقط، بل انه طال اكثرية اللبنانيين بدءاً من رئيس الجمهورية الى الرئيس بري وآخرين.
وعلى هذا الاساس يشير المصدر الى ان موضوع الاستقالة والخطوات الاخرى التي ستليها بما يتعلق بالحكومة الجديدة تنطلق من احد الخيارات الثلاث:
– الخيار الاول: ان الاتجاه الاقوى بأن يكون النقاش والحوار بين الرئيسين عون والحريري، بعد عـودة الاخيـر الى بيروت، هو طلب العودة عن الاستقالة، بحـيث تعتيم عملية الافراج باعلان رئيس الجمهورية رفضه لها، او ان يتم قبول الاستقالة ويعاد تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، الا ان المصدر يرى ان لدى رئيس الحكومة المستقيل صعوبة كبيرة بقبول احد هذين الامرين، لان ذلك سيقطع علاقاته كلياً مع الرياض مع تداعيات هذا الامر على المستقبل وعلى الوضع المالي للحريري الذي كان موعوداً بأن تدفع له الرياض جزءاً من المبالغ المالية التي له في ذمة الحكومة السعودية والتي تصل الى 20 مليار ريال سعودي، يضاف الى ذلك عدم مخاطرته بمصير عائلته الموجودة في السعودية.
– الخيار الثاني: ان يطلب ضمنياً من الحريري تسمية احدى الشخصيات من المستقبل او المحسوبة علـيه، لترؤس الحكومة الجديدة، حيث يتم التداول بأسماء عدة بينها النائبة بهية الحريري والوزير السابق بهيج طبارة.
– الخيار الثالث: في حال عدم القدرة على اعتماد احد الامور من الخيارات المذكورة، ان يصار الى تشكيل حكومة مصغرة او حكومة محايدة تكون مهمتها التهيئة لاجراء الانتخابات النيابية واجرائها، وهو الامر الذي قد يكون الاكثر ترجيحاً لتقطيع الاشهر المقبلة، بأقل الخسائر الممكنة، خصوصاً ان حزب الله ليس بوارد تعطيل اي خطوة او اجراء من شأنه ان يؤدي الى حفظ الاستقرار الداخلي وتمرير «قرع طبول الحرب» في المنطقة بأقل ما يمكن من خسائر.
الاّ ان المصدر يقول ان كل هذه الخيارات تبقى مرهونة بعودة الحريري الى بيروت، وما يمكن ان يقوله الاخير بعد هذه العودة، لانه في ضوء هاتين المسألتين ستصبح الامور عندها مفتوحة نحو اعتماد احد الخيارات الممكنة بما خص الحكومة الجديدة.
ولكن السؤال المطروح بقوة ماذا لو لم يعد الحريري الى لبنان؟