Site icon IMLebanon

ماذا لو لم يحصل الانتخاب والتمديد؟

ماذا لو انتهت ولاية المجلس النيابي قبل إجراء انتخاب المجلس البديل ولم تمدد ولاية المجلس قبل انتهائها؟

إنه احتمال أصبح مطروحاً بفعل الأجواء السياسية السائدة، ويجب التعامل معه بجدية بعيداً عن الاستهتار المخيف الذي تتعاطى فيه القيادات مع هذا الاستحقاق. فالفراغ في السلطة التشريعية يعني أولاً الفراغ المستمر في رئاسة الجمهورية لاستحالة انتخاب الرئيس الجديد. وبهذا لا يبقى من مؤسسات الدولة الدستورية الثلاث إلا مجلس الوزراء. ولكن إذا كان الفراغ الرئاسي يملأ بالوكالة من مجلس الوزراء بموجب المادة 62 ـ دستور، فلا يمكن ملء الفراغ النيابي من أحد لعدم وجود نص بذلك.

فالدستور حدد في المادة 42 موعد إجراء الانتخابات بغرض إجرائها «خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة النيابة»، وبذلك حرص على تجديد هيئة المجلس قبل مدة كافية من انتهاء الولاية كي لا يحصل أي فراغ. وميّز بين الفراغ الذي يحصل بفعل حل المجلس قبل انتهاء ولايته، فقال بإجراء الانتخابات في مثل هذه الحالة «في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر» (المادة 25) واشترط بذلك أن يكون وفقاً للمادة 24 ـ دستور.

والحالات الثلاث التي يمكن الاستناد إليها لحل المجلس وردت في المادة 55 ـ دستور، وجاء في الفقرة الأخيرة من هذه المادة التالي: «تستمر هيئة مكتب المجلس في تصريف الأعمال (عند الحل) وفي حال عدم إجراء الانتخابات ضمن المهلة المنصوص عليها في المادة 25 من الدستور (ثلاثة أشهر) يعتبر مرسوم الحل باطلاً وكأنه لم يكن ويستمر مجلس النواب في ممارسة سلطاته وفقاً لأحكام الدستور».

يظهر جلياً من هذه النصوص ان المشترع الدستوري احتاط بشدة لتجنب حصول فراغ في مجلس النواب، والمهم هنا انه ميز بين المؤسسة التشريعية ومؤسستي رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء عندما نص على تجنب الفراغ الرئاسي بإيلاء صلاحيات الرئاسة إلى مجلس الوزراء، وتجنب حصول الفراغ في السلطة الإجرائية (مجلس الوزراء) باستمراره في تصريف الأعمال. ولكن لم يعتقد للحظة أن احتمال عدم إجراء الانتخاب والتمديد يمكن ان يكونا واردين، وبهذا يكون قد ترك مواجهة مثل هذه الحالة للاجتهاد والمقاربات والمبادئ القانونية، باعتبار ان أي إجراء يتخذ، مهما كان ضعيفاً بإسناداته الدستورية، سيكون لمصلحة الدولة والمؤسسات وربما الكيانية أيضاً، نظراً للمخاطر الفظيعة التي ستنتج حتماً من عدم اتخاذ الإجراء.

هنا تبرز الفقرة الأخيرة من المادة 55 المشار إليها سابقاً. فعندما يحل المجلس ولا تجري الانتخابات خلال مدة محددة يعتبر مرسوم الحل باطلاً ويستمر المجلس في ممارسة سلطاته. وصدور المرسوم يعني نفاذ إجراء الحل، وإن كان النفاذ مؤقتاً ولا يصبح نهائياً إلا بعد ثلاثة أشهر. ولكن المجلس في هذه الأشهر لا يستطيع ممارسة سلطاته الدستورية، بدليل ان صلاحياته تكون مقتصرة على تصريف هيئة المكتب للأعمال، وصلاحيات الهيئة هي إدارية ولا تستطيع ممارسة صلاحية دستورية من صلاحيات المجلس.

انطلاقاً من هذا، وفي ظل عدم وجود أي نص يمكن القياس عليه لمواجهة احتمال عدم التمديد أو الانتخاب، تصبح المادة 55 هي السبيل لاستمرارية وجود كيانية الدولة المؤسساتية. صحيح أن الحل يختلف عن انتهاء الولاية، ولكن الصحيح أيضاً أنهما يتطابقان عندما تكون الغاية الحرص على إمكانية إجراء الانتخابات وإمكانية انتخاب رئيس للجمهورية. فالمجلس اللاممدد له وليس منتخباً بعد انتهاء ولايته، يبقى يصرف الأعمال ويستمر في ولايته القسرية، فالمصيبة الواحدة هي دائماً أسهل من المصيبتين.