IMLebanon

ماذا لو استقال رئيس الحكومة؟

تنقل وسائل إعلام عن مصادر مقربة من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام رغبته بالاستقالة، ولا يتوانى بعضها عن تحديد موعد إشهار هذه الرغبة إذا لم تثمر الاتصالات إنعاش مجلس الوزراء وإخراجه من غرفة الكوما. فماذا إذا تحققت رغبة سلام أو توافر سبب من الأسباب التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة؟

تجدر الإشارة أولاً إلى أن الاستقالة الإرادية هي من الحقوق الشخصية التي كفلها الدستور ولا يمكن تجاوز حالة من هذه الحقوق إلا بنص قانوني صريح ومحدد، وهذا ما لم يأت على ذكره الدستور. ولهذا فإن مجرد أن يعلن رئيس الحكومة استقالته يكون قد استقال ولا يمكنه، قانوناً، الرجوع عنها، كما لا يمكن لأحد أن يرفضها أو يعلق نفاذها.

وعند الاستقالة لا يكون رئيس الحكومة والوزراء قد ارتاحوا من الإرهاق الذي لازمهم في تحمل مسؤوليات الحكم، لأن الحكومة التي اعتبرت مستقيلة تبقى تمارس صلاحياتها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال عملاً بالفقرة الثانية من المادة 64 ـ دستور. وهنا السؤال عما إذا كان انتقال الحكومة بكاملها من حالة الدستورية الكاملة إلى حالة تصريف الأعمال يمكن أن يحصل من دون أي دور لرئيس الجمهورية؟

يظهر من النصوص الدستورية أن صلاحيات رئيس الجمهورية تقتصر على مسائل إجرائية تتعلق بصلاحياته الحصرية لجهة إصدار المراسيم عملاً بالفقرة الثانية من المادة 56 ـ دستور. فالفقرة الخامسة من المادة 53 ـ دستور أولت لرئيس الجمهورية إصدار المراسيم بقبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة. فهل له ان لا يصدر المراسيم المحددة في المادة المشار إليها سابقاً وبالتالي تبقى الحكومة الكاملة الدستورية قائمة؟

إضافة إلى اعتبار أن استقالة رئيس الحكومة أو الوزراء هي من الحقوق الشخصية، فإن المادة 69 ـ دستور أكدت ذلك بنصها الحاسم على: «تعتبر الحكومة مستقيلة إذا استقال رئيسها أو فقدت أكثر من ثلث 3/1 عدد أعضائها…» ولم يشر الدستور إلى أي رادع يحول دون نفاذ الاستقالة أو اعتبار الحكومة مستقيلة. ولهذا فإن الاستقالة في ظل استمرار خلو سدة رئاسة الجمهورية لا تتأثر بهذا الخلو.

ولكن من يصدر مرسوم اعتبارها مستقيلة؟

من حيث المبدأ، وبرغم النص على دور رئيس الجمهورية بإصدار مرسوم الاستقالة، فإن ربط نفاذ الاستقالة بمثل هذا المرسوم غير جائز. فالمرسوم في مثل هذه الحالة يسجل حالة أخذت طريقها للنفاذ قبل صدوره ولا تنتج من صدور المرسوم. ولهذا فليس من مبرر للاستقالة بالمادة 62 ـ دستور التي تنيط بمجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة في حال خلو سدة الرئاسة في حالة القول بإشكالية من يقبل الاستقالة، ولكن العودة إلى تلك المادة تكون ملزمة إذا ما استطاع مجلس الوزراء العمل بموجب المادة 53 ـ الفقرة الخامسة لجهة ممارسة دوره في إصدار مرسوم قبول الاستقالة وذلك تمهيداً للعمل بالإجراءات المطلوبة لتشكيل حكومة بديلة.