IMLebanon

ماذا لو رسب سعيد وفاز زعيتر؟

 

ستكون كسروان على موعدٍ مع معركة سياسية واحدة، فعلى رغم من تعدّد اللوائح، فإنّ المواجهة الوحيدة التي سيكون لها بعدٌ ومعنى هي التي ستؤدّي الى فوز الدكتور فارس سعيد أو خسارته.

المعارِض الشرس للتسوية الرئاسية الذي ملأ «التويتر» وشغل الناس، امتلك شجاعة الوقوف شبهَ وحيد في مواجهة شبه إجماع مسيحي على انتخاب العماد ميشال عون الحليف الطبيعي والثابت لـ«حزب الله» رئيساً للجمهورية، وكانت «الكتائب» ايضاً في مواجهة التسوية، لكنّ سعيد كان رأس الحربة، وفي مقياس الكلفة والمردود، خسر الغطاء والحلفاء، لا بل تحوّل عدواً لمعظمهم، عدوّ مطلوب رأسه في السابع من أيار، عبرة لمَن يتمرّد.

لم يكن سهلاً على سعيد أن يواجه خيار الرئيس سعد الحريري، عندما ذهب الى ترشيح النائب سليمان فرنجية وعندما وافق على انتخاب عون. تدرّج التوتر صعوداً، ووصل في حدّه الأقصى الى اتّهام سعيد بكتابة التقارير للمملكة العربية السعودية تحريضاً على الحريري، ولم يكن سعيد بريئاً من تهمة معارضة التسوية، لكنه لم يخن الحريري يوماً، لا بل شعر عندما انقطعت العلاقة،أنّ كلّ ما بناه منذ العام 2005، قد سقط، وصحيح أنّ عتبه على الحريري أقلّ بكثير من عتبه على الدكتور سمير جعجع، لكن في المحصّلة أصبح سعيد وحيداً في مواجهة «حزب الله»، وانخرط الآخرون في تسوية جرّب تيار «المستقبل» حلوَها لأكثر من سنة، وتذوّقت «القوات اللبنانية» مرَّها للفترة ذاتها.

بادر الى انشاء «مبادرة وطنية» مع صديقه الدكتور رضوان السيد، وسُجِّلت المبادرة في كتاب التاريخ، ولم يتوقف يوماً عن محاولة تسليط الضوء على خطورة هيمنة «حزب الله» على القرار اللبناني بغطاء ممَّن فرّطوا بمشروع 14 آذار، ولم يتوقف يوماً عن لعب الدور الأبرز في التواصل مع دوائر القرار العربية والسعودية على وجه التحديد، لكن كل ذلك انتهى، الآن ساعة الحقيقة حيث يتوجّب عليه بمجهوده السياسي وبإرث والده، أن يواجه لوائح مدعّمة بخزنات المال وبالصورالعملاقة التي تملأ جُدران كسروان، فهل سيستطيع أن يعبّئ هذا الفراغ الكبير في معنى المعركة، بخياره السياسي، الذي يفتقد بريق الموضة وضخامة مهرجانات اللوائح واستعراضاتها.

عملياً كان سعيد مهندسَ لائحة كسروان ـ جبيل، منه تأتي الاقتراحات وهو أمّن التواصل بين «الكتائب» والنائب السابق فريد الخازن. عُرض على الخازن أن يتشارك مع «حزب الله» في لائحة واحدة، فأقنعه على طريقته السُعيديّة بأنه سيكون المتضرّر الأوّل.

رفضت «الكتائب» التعاون مع الخازن، فأقنعها مستعيناً بكبير العائلة. تحفظت عن التعاون مع جيلبرت زوين ويوسف خليل، فانتهى النقاش الى التعاون، وبقي الماروني الخامس في مقاعد كسروان، وكان يُفترض أن يكون من نصيب نوفل ضو، غير انّ اللائحة شُكّلت من دونه. سيكتب نوفل ضو في وقت قريب التفاصيل التي لم تكتب عن السبب الذي حدا بهذه اللائحة الى أن تتجنّب ضمّ مرشحين من هذا الطراز تمّ تدفيعُهم ثمن «الصولد السيادي» لمواقفهم، مقابل حفنة من الأصوات.

يقترب مهندس اللائحة من السادس من أيار، ممسكاً بيده «ورقة احترام» عربية وسعودية، ومحمَّلاً بأعباء خصومات تريد له الخسارة بالضربة القاضية. الأرجح أنّ هذه المعركة ستكون الأخيرة.

عام 2009 ضغط عليه الحريري لينسحب من المعركة ضماناً لفوزها حسابياً، لكنه غرز قدميه في الأرض واستمر. واليوم ومع دخول «حزب الله» بمرشحه حسين زعيتر مدعماً بلائحة من مرشحين لهم مكانتهم العائلية والحزبية في كسروان وجبيل، يصل سعيد الى الامتحان الكبير.

فمرشح «حزب الله» سيفوز في قلب جبل لبنان المسيحي، أما مَن يواجه مشروع «حزب الله»، فعليه أن يكسب في جبيل معركة «الصوت التفضيلي» في وجه خصمه «التيار الوطني الحر»، وحليفه السابق (القوات اللبنانية) لكي يؤمّن فوزَه، فإن فعل تكون هذه الدائرة المسيحية الأهم قد أرسلت الرسالة الأوضح، وإن خسر، سيكون عليه أن يتوقف عن مواجهة مشروع «حزب الله» طالما أنّ مرشحه قد أخذ الشرعية من «بيت عنيا»، أما أهل كسروان وجبيل فلهم وحدهم القرار في 6 أيار.