IMLebanon

ماذا لو تمرّد سلام على المعادلة العبثية؟

كان تاليران يقول ان الأمم المتحدة ستصاب بالرعب اذا عرفت حقيقة من يحكمونها. لكن نظرة الأسقف الذي خدم كل أنواع العهود الفرنسية كوزير للخارجية بدت خاطئة في لبنان، فكلما ازدادت معرفة اللبنانيين بحقيقة من يحكمونهم ومن يتحكّمون بهم كثر اطمئنانهم الى ضمان الحصص والحماية من القانون والتنافس في العصبيات. وكلما برع الحكام في ازدواجية الخطاب وسجلوا أرقاماً عالية في الفشل وسياسة التعطيل والنكايات ازداد الاقتناع بقيادتهم والحرص على أدوارهم.

وإلا كيف نفسر التسليم بأن المحن التي نحن فيها هي إما من صنع القدر أو من مؤامرات الخصوم في الداخل ومن نعجز عن التحالف معهم في الخارج؟ كيف نزداد فقراً وبؤساً وخوفاً على الأمن ومعرفة بالغطاء السياسي الذي يحمي المجرمين من العدالة والعقاب، ونصفق لحكام وأشباه حكام ينظمون الفساد وتزداد ثرواتهم وغطرستهم ولامبالاتهم بقضايا الناس؟ هل اكتشفنا أمس ان الزبالة تجارة وسياسة في بلد بلا حياة سياسية؟ وهل اصطدمنا فجأة بحقيقة المافيا التي تدير المال والسلطة ورأينا رموزها يمطروننا بالمواعظ؟

اللعبة خطيرة، وإن كانت مضبوطة بقوة المصالح الخارجية وخوف الداخل من المجهول. وليس من المقبول ان يبقى لبنان محكوما بمعادلة عبثية: دفعه الى الهاوية، وتحذيره من الوقوع فيها خوفاً من ان يؤذي مصالح سواه. تنظيم كل ما يدعو الرئيس تمام سلام الى الاستقالة التي يطلبها ويريدها شخصيا امس قبل اليوم، ومنعه من الاقدام عليها لئلا يكتمل الفراغ. والمفارقة ان هناك قوى تتصرف على اساس ان الفراغ الناقص في المؤسسات له وظيفة في خدمة الفراغ الكامل الذي لم تدق ساعته بعد.

والسؤال هو: ماذا لو عمل رئيس الحكومة بقول النفري: في المخاطرة جزء من النجاة؟ على ماذا نخاف؟ على حكومة لا تستطيع ان تقرر، واذا قررت لا تستطيع ان تنفذ؟ على مجلس نيابي مدد لنفسه ثم امتنع عن العمل التشريعي والواجب الانتخابي؟ على جمهورية تعيش بلا رأس منذ اكثر من سنة؟ كيف يصح ان يصير الاتفاق على آلية في مجلس الوزراء لممارسة صلاحيات الرئيس وكالة اصعب من الاتفاق على انتخاب رئيس؟ وماذا لو دفع الخوف من الانهيار الكامل الى تبديل حسابات التعطيل لدى القوى الاساسية وانتخاب رئيس للجمهورية؟

هزلت با سادة. فلا شرعية لمجلس نيابي مستقيل من مسؤولياته. ولا شرعية لمجلس وزراء عاجز عن ممارسة صلاحياته بالاصالة وصلاحيات رئيس الجمهورية وكالة. ولا شرعية بالطبع لمافيا المال والسلطة التي تعمل من اجل مصالحها في الفراغ وفي الامتلاء.