المشهد نفسه يتكرر على وسائل التواصل الاجتماعي في كل مرّة تُرتكب فيها جريمة. «رأي عام» هذه المواقع لا «يُقصر» في مواقفه المتضامنة والمُستنكرة. تقوم قيامته رفضاً للظلم ومطالبة بالحق والعدالة. جمهور لا حول ولا قوة له سوى على هذا الحائط الافتراضي. في قضية جورج الريف الذي طعنه طارق تميم، لم يكن تسلسل الأحداث مغايراً، وإن كان استنكار الرأي العام قد وصل إلى حدّ المطالبة بإنزال عقوبة الإعدام بالقاتل.
على أرض الواقع، وبالسياسة، سجّل تحرك لافت للتيار الوطني الحر تنديداً بالجريمة، مقابل موقف خجول لبقية الأحزاب المسيحية. امتلأت شوارع الأشرفية باللافتات الغاضبة، وانتشرت الوسوم التي حولت كل إنسان الى «جورج الريف». وحّد التيار الصرخات: «العدالة لجورج الريف». تظاهر أنصاره أمام منزل رجل الأعمال أنطون الصحناوي في حيّ كرم الزيتون، وبدأوا حملة جمع التبرعات لتقديمها الى عائلة المغدور. على المقلب الآخر، انقسم جمهور القوات اللبنانية بين داعٍ الى التنصل من الصحناوي، أحد الداعمين الأساسيين لقوى 14 آذار، وبين من سلّم بوحشية الجريمة مُرفقاً إياها بـ «ولكن»، بسبب «الاستغلال العوني للقضية وحرفها عن مسارها الطبيعي». مصادر قريبة من القوات اللبنانية تقول إن موقف الحزب واضح، بغض النظر عن النقاش الدائر افتراضياً: «الحزب مُتضامن مع عائلة الريف، والقيادي في القوات عماد واكيم قدم واجب التعزية».
يبدأ القيادي في التيار الوطني الحر زياد عبس حديثه بلفت النظر الى الخوف «الحقيقي المُنتشر بين الناس». قصص «أصحاب السوابق» هؤلاء لا تقتصر على ثلاثة حوادث تحدث عنها الإعلام، بل إن «انتهاكاتهم يومية. بثوا الرعب في الحيّ، فبات الأهالي يخافون على أولادهم إذا أرادوا الخروج للسهر». يؤكد أن «التيار لم يستغل الجريمة. قُمنا بالحد الأدنى المطلوب منا». ويسأل: «هل المطلوب ترك الأهالي وحدهم حتى لا يُقال إننا نُسيّس الموضوع؟». أما التحرك المكثف للتيار، فيعزوه القيادي الى «أننا استوعبنا ردة فعل الأهالي عبر تنظيم تحرك حضاري حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة». وأكّد: «التيار سيعيّن محامين من أجل متابعة الملف وسيُطلب الإعدام لمُنفذ العملية. وفي الوقت نفسه، نبحث في كيفية تخليص المنطقة من هذه العصابة». إضافة الى تنفيذ «تصور وضعناه من أجل الضغط على القضاء وتحريك القضية».
أصوات كثيرة ارتفعت بعد الحادث تحاول تسخيف القضية عبر وضعها في إطار الخلاف بين ابنَي العم، أنطون ونقولا الصحناوي. اعتبر هؤلاء أن الجريمة فردية. هم أنفسهم من اعتبروا، قبل أيام، رفع مواطن كسرواني علماً لحزب الله في جونية «عملية مُمنهجة لغزو المنطقة». وهم أنفسهم أيضاً من فتشوا عن هوية المُجرم الطائفية لصب جام غضبهم على «أُمة» بأكملها.