IMLebanon

ماذا إذا سقطت مظلّة الأمان فوق لبنان؟؟

الأمل شيء، والواقع شيء آخر، وكثيراً ما يصحّ القول «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»، ومن يراقب وضع العلاقات بين قوى 8 و14 آذار، وبين السنّة والشيعة، وبين اهل المذهب الواحد او الطائفة الواحدة، يخرج بنتيجة شبه حاسمة، أن العلاقات بين ابناء «الأمّة اللبنانية» ـ التي حددها الدستور بهذا الاسم ـ هي في حقيقة الأمر أوهى من خيوط العنكبوت، أو كما يقول المثل الدارج «لا تهزّو واقف عشوار» او المثل الآخر، «واقفة على صوص ونقطة». ولذلك فان اللبنانيين، في ايام الحوارات المأزومة، يعيشون وايديهم على قلوبهم بصورة شبه دائمة، من ان يطيح تصريح من هنا، وموقف من هناك، بجميع الآمال والاحلام والايجابيات التي حققها المناخ الحواري بين تيار المستقبل وحزب الله، بالتوازي مع حوار حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، ويزداد القلق والتشاؤم لدى اللبنانيين، ويخفت عندهم بريق الأمل، وهم يتابعون يوماً بيوم، الحوار النووي الدائر بين العالم كله وايران، بمثل ما يتابعون اخبار المعارك الحربية الدائرة في سوريا والعراق واليمن، والمعارك السياسية الدائرة على هامشها، لايجاد مخرج او حلّ او تسوية، لوقف آلة القتل التي اودت حتى الآن، بمئات الوف القتلى وملايين الجرحى والمهجّرين واللاجئين، خوفاً من تعثر الحوار الدولي ـ الايراني، وسقوط الحلول السلمية، بما قد يؤدي الى رفع مظلّة الامان الخارجية عن لبنان، وانهيار اي قدرة على التفاهم داخلياً، خصوصاً بين السنّة والشيعة، وعندها يدخل لبنان في النفق المظلم، حيث لا تفاهم دخلياً على انقاذ النفس، ولا مظلّة خارجياً راغبة بفرض هذا التفاهم. وقد يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقدم الخائفين على المصير، عندما وصف بالامس السجال الكلامي بين المستقبل وحزب الله، بـ «داعش الاحتراب الداخلي» وهو وصف يعبّر عن مدى هشاشة امكانية التفاهم، ومدى صعوبة الخلافات القائمة وخطورتها: في حالة اقليمية بالغة الخطورة والدقة، والهريان، الى درجة ان وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية جون كيري، رأى ان لا مندوحة من اشراك الرئيس السوري بشار الاسد في السعي لايجاد حلّ للمجزرة السورية، ومع ان الناطقة بلسان الخارجية الاميركية جين ساكي حاولت تخفيف وقع كلام كيري بقولها ان «بلادها ما زالت تعتقد انه لا يوجد مستقبل للاسد في سوريا» الا ان واشنطن «تقبل» بمشاركة ممثلين لحكومة الاسد في اي مفاوضات مقبلة.

****

السؤال الكبير الذي لا يمكن لأحد ان يرد عليه بثقة العالِم والعارف، هو، كيف يمكن للطوائف والمذاهب في الدول العربية التي شهدت وتشهد مذابح على الهوية، خصوصاً في سوريا والعراق، ان تعود الى عيشها المشترك الذي كانت عليه منذ العام 2000، بعد هذه المذابح التي شاركت فيها انظمة وتنظيمات، ارتكبت من الجرائم ابشعها، وما لا يخطر على بال او ذاكرة انسان، وخلّفت ندوباً في الناس لا تلتئم في عقود، وتسببت في مناطق عدة بتطهير عرقي وطائفي ومذهبي، بما «يسهّل» لاصحاب الحلول تغيير خريطة العالم العربي في شكل موسع او مجتزأ، وهل ان لبنان سيكون في دائرة التغيير البارد، او سيخضع كغيره من الدول الى حمّام دم، تتغيّر في نتيجته هوية لبنان، ودوره، ونظامه وحدوده؟!

الجميع قلق، ولا تسمع في السر والعلن، سوى عبارة، «الله يستر من الاعظم» وحده على ما يبدو سيدنا البطريرك بشارة الراعي، الذي استعاد نعمة التفاؤل، فبشّر اللبنانيين بأن لا خوف على اي مكوّن لبناني.

كل الامل والرجاء والصلاة، ان يكون الراعي على حق…