لا يستطيع احد المزايدة على الكنيسة المسيحية وتحديدا المارونية في موضوع رئاسة الجمهورية فالبطريرك الماروني بشارة الراعي، لم يترك مناسبة الا وحذر من الفراغ في سدة الرئاسة حتى قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان.
وتحذيره استند الى قراءة الواقع بشكل سليم حيث بدا ان قوى ٨ اذار ترفض التجديد لسليمان ولو لفترة انتقالية، كما ترفض بشكل قاطع تسمية اي مرشح باستثناء رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون.
سبب الازمة
وبالفعل هذا ما حصل، ولا يزال لبنان حتى الان من دون رئيس للجمهورية، بل اكثر من ذلك فان فرصة انتخابه في وقت قريب معدومة.
يعيد البعض السبب الى الظروف الدولية والاقليمية ويعتبرونها عاملا اساسيا بل مقررا في تأخير انجاز الاستحقاق ويقدمون الدليل تلو الاخر، والذي اكده كل الموفدين الدوليين الذين زاروا بيروت.
في هذه الحجة شيء من الحقيقة فالعالم اليوم مشغول بقضايا اهم من الفراغ الرئاسي حتى ان باريس التي يعول عليها في مساعدة لبنان للخروج من ازمته ابتعدت مؤخرا بسبب انشغالها في موضوع الارهاب، بل ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وعد بأن يطالب الرئيس الايراني حسن روحاني بتسهيل انتخابات الرئاسة مما يؤكد ارتباط هذه الانتخابات بالظروف الدولية والاقليمية.
لبنان والظروف
من دون شك فان لبنان ليس جزيرة، منعزلة ولا هو في كوكب اخر، لكن لا يمكن التسليم بعدم توفر الظروف الدولية والاقليمية للانتخابات اذ يبقى للعامل المحلي هامش بمقدوره تغييرها.
توجد وسائل عديدة لاحداث خرق في جدار هذه الازمة اما عن طريق الشعب نفسه او قياداته على الاقل.
وللاسف في الضغط الشعبي مستحيل لعدة اسباب، منها ان المرشحين الاساسيين في المعركة الرئاسية يرفضون اللجوء اليه. اضف الى ان آلية حدوث ضغط شعبي من الناس انفسهم غير متوافرة رغم ايجابية تحركات بعض المنظمات الشبابية والتي انتهت او تم اخمادها من دون تحقيق اي نتيجة.
الاشكال الديموقراطية
في بلد ديموقراطي تتعدد وسائل الضغط فهناك اشكال سلمية عديدة كالاضراب او الاعتصام او التـظاهرة او الاضراب عن الطعام، ويكتسب اي شكل من الاحتجاج على مركز الجهة التي تقود هذا الشكل وعلى مدى صمودها فاللبنانيون ليسوا في وارد التظاهر او الاعتصام الخ …
من اجل انجاز الاستحقاق الدستوري كما دلت التجربة.
واذا كان القادة السياسيون لم ينجحوا في انتخاب رئيس للجمهورية فان الانظار تتجه صوب المرجعيات الدينية وتحديدا المسيحية وبشكل ادق المارونية.
خرق للطائف
فالمركز الشاغر يعود للموارنة واستمرار الفراغ يهدد او يشكل خرقا لاتفاق الطائف اذ يتم حرمان المسيحيين من المناصفة الدستورية.
اضراب عن الطعام
بدون شك فان الكنيسة المارونية عملت ما في وسعها ولم يترك البطريرك الراعي جهة الا وتكلم معها ويوميا لا تهدأ بكركي سواء بالاتصال او الاجتماع او اطلاق تحذيرات يومية لكن ربما بات المطلوب اليوم اكثر.
ربما يتوجب على القيادات الدينية اليوم اعلان ان الكيل طفح من معطلي الاستحقاق الدستوري.
ولكن المعطلين لم يخجلوا والمطلوب احراجهم قدر الامكان وعزلهم والضغط عليهم.
فماذا لو اعتصم البطريرك او اضراب عن الطعام؟ فقد يهتز المشرق بكامله.