عندما يكثر الحديث عن الحرب، تكون الحرب على الأبواب، وكأنّ ما يحدث في المنطقة ويثير هواجس ومخاوف كثيرة ليس بكافٍ حتّى وجد اللبنانيّون أنفسهم تحت وطأة ضغوطات المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وجنون المزايدين حتى حزب الله نفسه في الاستقتال لاندلاع الحرب، وكأن أرواح اللبنانيين وممتلكاتهم «لعبة» بأيدي بعض البُلَهاء الذين ابتلانا بهم الزمن اللبناني الرديء! ولكم ماذا لو كنّا فعلاً أمام هكذا سيناريو مدمّر؟ من المؤسف أنّ أحداً لا يملك الإجابة عن هذا السؤال الآن!
كأننا ينقصنا سيناريوهات حرب جديدة ونحن في ذروة التحذيرات من الانهيار الاقتصادي وعلى عتبة انعقاد قمة إقتصادية في بعبدا علها تنقذ شيئاً ما مما تبقّى من لبنان، بعدما تجاوزنا قطوع الخضّات الداخليّة التي جعلت البلاد أمام سيناريوهات انفجار داخلي، في أيار الماضي عاش اللبنانيّون تحت وطأة سيناريو مخيف نشر عن توقعات الحرب المقبلة التي إن وقعت «ستدمر البنى التحتية والجسور والطرق والمراكز والمواقع الرسمية والعسكرية اللبنانية»، في وقت لا يملك فيه اللبنانيون حتى القدرة الماليّة ليتحمّلوا ترف التهجير والهروب إلى أماكن أكثر أماناً!
قد يكون من العبث الظنّ بأن «المسيّرات» ستتسبّب باندلاع حرب، ولكن من العبث أيضاً «التعامي» عن واقع إيران المأزوم والذي بلغ حائطاً مسدوداً ولن يتغيّر هذا الواقع إلا بحرب، ومن العبث الظنّ أن أميركا وإيران ستخوضان حرباً وجهاً لوجه في منطقة الخليج، أغلب الظنّ أنّنا سنكون أرضاً جاهزة لهذا الاختبار، فالقضيّة أبعد بكثير من مجرد طائرات مسيّرة سقطت في الضاحية الجنوبية وكل علامات الاستفهام لم تتم الإجابة عنها حتى الآن!
سيناريو أيار الماضي لوّح بخطة الحرب المقبلة وأنّ «إسرائيل قد لا تعبر الحدود بجنودها بل ستلجأ الى الغارات الجوية والصواريخ ضد مواقع حزب الله في شكل كثيف، وتدمر البنى التحتية والجسور والطرق والمراكز والمواقع الرسمية والعسكرية اللبنانية»، عملياً في أي سيناريو سيجري الحديث عنه سيكون مصير لبنان الدّمار!
المنطقة تتقلّب فعلياً في أتون الحروب والطائرات المسيّرة والحربيّة تملأ فضاء المنطقة، وكائنٌ من كان يستطيع أن يشعل حرباً، سواء كان التحالف الدولي أو التحالف العربي أو إيران وحزب الله وإسرائيل، كلّهم يملكون سيناريوهات حقيقيّة في حال اندلعت هكذا حرب، ولكن ماذا عن لبنان؟ هل تملك دولته سيناريو ما لحماية شعبها على الأقلّ بخطة طوارىء لحماية المدنيين، نشكّ في ذلك! هذه المرّة الحرب ستستهدف الدّولة اللبنانيّة، ويدرك الجميع هذه المرّة أنّ العدو الإسرائيلي لن يكون وحده في هذه الحرب وسط اكتظاظ الخليج العربي والبحر المتوسط بالأساطيل وحاملات الطائرات، وقبل هذه كلّها يدرك الجميع أنّنا هذه المرّة لن نجد دولاً عربيّة تلقي بملياراتها لإعادة بناء ما تهدّم ولإيقاف لبنان على رجليْه مجدداً ودعم اقتصاده المنهار!
يُدرك الجميع أنّ هناك حرب مقبلة مهما تأخرت، ونذرها تلوح في أفق ونكاد نشمّ رائحتها، ومرّة جديدة هذه الحرب ستندلع لمصلحة الأجندة الإيرانيّة ومنع بيع النّفط الإيراني، إيران محشورة إلى أقصى الحدود، في العراق لا تملك إيران حدوداً بين العراق وإسرائيل لتضغط بها على أميركا لتحسّن شروطها وتعيد فتح الملف النووي أو تخفيض سقف العقوبات، ومجدّداً سيدفع لبنان ثمن اختطاف حزب الله له لمصلحة مصالح إيران وأجندتها!