IMLebanon

ماذا لو وصلنا إلى آذار ولم يوقّع الإتفاق السياسي على الملف النووي الإيراني؟

الإستحقاق الرئاسي في خضمّ الإشتباك الإقليمي والدولي والمراوحة تستوطن الدولة

حوار «حزب الله» – «المستقبل» الخرطوشة الأخيرة للحفاظ على الإستقرار العام

إن أي مراقب لمسار الأحداث على طول الشرق الأوسط وعرضه يُدرك بأن المنطقة دخلت في المخاض العسير الذي عادة ما يعقبه إما حياة أو موت، فالمبادرات السياسية لحل الأزمات الموجودة في أكثر من موقع غائبة تماماً وروائح البارود والدم هي السائدة وهذا ما يعطي انطباعاً بأن قابل الأيام لن يكون مزروعاً بالورد والياسمين بل سيكون مزروعاً بالكثير من الألغام التي تزيد تعقيداً لهذه لأزمات التي أدخلت المنطقة برمتها في مهب ريح يرفع من منسوب النار المشتعلة.

إن ما هو متوافر من معطيات لا يوحي بأي انفراجات على مستوى رزمة الملفات اللبنانية الموجودة على رف الانتظار وعلى وجه الخصوص ملف الانتخابات الرئاسية العالق في آتون الاشتباك الإقليمي والدولي الذي يؤشر إلى مرحلة محتدمة كون أن كل محور يحاول تحصين وضعه وترتيب أوراقه لمواجهة عملية إعادة ترتيب المنطقة على أسس جديدة مغايرة تماماً لتلك الأسس التي بُنيت عليها اتفاقية «سايكس بيكو»، خصوصاً وأن الانتشار الذي حققته الجماعات التكفيرية في العديد من الدول العربية والإسلامية بات يحتم على أصحاب القرار إعادة النظر بالخارطة الجغرافية الحالية للعديد من الدول التي تشهد الصراعات المسلحة وتلك الدول الواقعة تحت تأثير هذه الصراعات.

على المستوى اللبناني صحيح أن زيارة وزير الخارجية الإيرانية إلى المملكة العربية السعودية لتقديم واجب العزاء بالملك عبد الله بالتوازي مع زيارة وفد من «حزب الله» السفير السعودي في لبنان للغاية عينها قد ضخت جرعة من التفاؤل وأعطت نوعاً من الأمل بإمكانية حصول انفراجات على مستوى الداخل اللبناني خصوصاً وأن هذا حصل في الوقت الذي قطع الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» شوطاً متقدماً باتجاه معالجة بعض القضايا، غير أن هذه الجرعة لم تجد لها المناخات الملائمة لتوظيفها باتجاه تحقق هذا الغرض، وهذا يعود الى كون أن الملفات المختلف عليها من سوريا إلى العراق إلى اليمن وما بينهم لبنان لا تحلّ بزيارة على هذا المستوى وبهذه المناسبة على أهميتها، فالأزمات الموجودة متداخلة ومعقدة وحتى الساعة فإن المناخات التي يتوجب توافرها لمعالجتها ليست في متناول اليد، وهو ما يعني أن مفعول هذه الزيارة لن يكون طويلاً بحسب تقديرات معظم المراقبين لمجريات الأحداث في المنطقة.

إن من السذاجة الحديث عن إمكانية حصول انتخابات رئاسية في آذار ربطاً بعودة المفاوضات الإيرانية – الأميركية بشأن الملف النووي وإمكانية إنجاز إتفاق سياسي حول هذا الملف ينعكس بدوره على كل ملفات المنطقة، لأن مثل هذا الأمر غير محسوم حيث سبق أن أصبح هذا الاتفاق وكأنه محقق في مفاوضات تشرين الماضي غير أن تدخلات وضغوطات من أكثر من جهة حالت دون تحقيقه وهذا الأمر قد يتكرر في الربيع المقبل ويُطاح بكل الآمال المعلقة.

صحيح أن مثل هذه المفاوضات قد تبرّد الأجواء المحتقنة وفي نفس الوقت ربما ترفع من منسوبها وذلك وفق مسار المفوضات ومحاولة كل فريق تحقيق مكتسبات والتقليل من تقديم التنازلات إلا أن ذلك لا يعني أن يبقي لبنان معلقاً على حبل هذه المفاوضات مجهولة النتائج، وهو ما ينبغي على المسؤولين التصرف على أساس الواقع الموجود وتحصين ما أمكن الداخل اللبناني لمواجهة المخاطر الناجمة عن هذا الحريق الملتهب في المنطقة لا سيما في سوريا، لأن الأجواء الموجودة غير ملائمة لمقاربة الملفات الكبيرة وقد تماهى إلى سمع العديد من المسؤولين اللبنانيين بأن المبادرة الفرنسية التي انطلقت الشهر الماضي ما تزال من دون أفق، وأن الموفد الفرنسي الذي جال في لبنان والسعودية وإيران لم يحقق أي تقدّم في مسعاه على صعيد الانتخابات الرئاسية.

وأمام هذا الواقع السوداوي بعض الشيء فإن المراوحة ستبقى مستوطنة في كل مفاصل الدولة، وهو ما يستدعي إيجاد الآلية المناسبة على المستوى السياسي إن كان في مجلس الوزراء أو البرلمان للتعايش مع هذا الواقع وهو ما نصح به أكثر من دبلوماسي عربي وغربي في الآونة الأخيرة.

وفي تقدير مصادر سياسية أن الحوار القائم بين «حزب الله» و«المستقبل» يشكل صمّام أمان في الوقت الراهن، خصوصاً وأن هذا الحوار يجري في ظل مظلة إقليمية – دولية وترحيب داخلي باعتباره يكاد يكون الخرطوشة الوحيدة التي يمكن استخدامها للحفاظ على الاستقرار العام في البلاد.

وتؤكد المصادر أن اللبنانيين سيبدأون بتلمس نتائج هذا الحوار في وقت قريب حيث تم إنجاز الاتفاق النهائي على أزالة الشوائب التي تشكل مادة لتغذية النعرات الطائفية، ويأتي في مقدمة ذلك سحب المفردات الاستفزازية والحادة من الخطاب السياسي، مصحوباً بإصدار قرارات عن الحكومة والجهات الرسمية مدعومة من الطرفين المتحاورين لإعطاء الضوء الأخضر بإزالة الصور والشعارات من الشوارع والأحياء في العاصمة بيروت ومناطق أخرى، مع إعطاء الدعم اللازم ورفع الغطاء في ما خص تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع التي يوجد حرص على عدم الكشف عن ساعة الصفر لتنفيذها للحؤول دون فرار المطلوبين للعدالة أو ما شابه لضمان نجاحها، مشددة على أن المعنيين بهذه الخطة وخصوصاً الجيش اللبناني سيبدأون بوضع الآلية المطلوبة على أن يكون موعد التنفيذ ليس بعيداً.