Site icon IMLebanon

ماذا في خبايا حوار “الكبار” الرديف لطاولة الحوار؟ يحل محل الحكومة ويساوم في انتظار التسوية الكبرى

يذهب رئيس الحكومة تمام سلام إلى نيويورك لنحو ثمانية أيام لتمثيل لبنان في الاجتماعات السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، إضافة إلى المشاركة في اجتماع مجموعة العمل الدولية من أجل لبنان، فتكتسب الحكومة أعذارا تخفيفية لعدم اجتماعها لأكثر من ثلاثة اسابيع لتستأنف نشاطها في نهاية الاسبوع الاول من تشرين الاول المقبل، على ما كشف رئيسها.

ويفترض ان تكون الفترة الفاصلة عن موعد استئناف مجلس الوزراء جلساته كفيلة بحل العقد السياسية التي تقف حاجزا دون انتاجيتها. علما ان الجلسة المقبلة تنعقد عشية استئناف طاولة الحوار الوطني اعمالها في جلسات متتالية، تعبيرا عن الحرص على تزخيم الحركة السياسية علها تحدث خرقا في حال الجمود والمراوحة، كانت بدأت ملامحه تتبلور من خلال مشهد غير مسبوق في حصرية التحكم السياسي في ميزان القوى المحلي، الرامي إلى التحكّم في التسويات والمقايضات على الملفات المطروحة.

إنه مشهد اجتماع القادة الستة على طاولة حوار رديفة للحوار الوطني. قد لا يكون لقاء الكبار حقق خرقا في المشهد المأزوم، لكنه يمر كذلك مرورا عابرا في ضوء الملاحظات الجمة التي أمكن تسجيلها وتحميلها لهذا اللقاء.

– فمن حيث الشكل، (الذي يعكس بدوره مغزى مهماً)، استثنى اللقاء الذي ضم ستة أقطاب يمثلون خمس قوى أساسية على ضفتي 8 و14 آذار، مسيحيي 14 آذار ومستقليها، بحيث اقتصر الحضور المسيحي على الرئيس السابق لـ”التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون. وإذا كان لهذا التمثيل ما يبرره باعتبار أن “القوات اللبنانية” غير مشاركة أساسا في طاولة الحوار، ولأن الموضوع الذي شكل الطبق الرئيسي للقاء تمثل في مسألة التسوية المقترحة لترقية ضباط، فإن الحوار المصغر لم يقتصر على هذا الامر بل تجاوزه ليطرح المواضيع الخلافية الاساسية المتعلقة بآلية عمل الحكومة.

– ان الحوار الرديف حلّ فعلاً لا قولاً محل الحكومة في طرح الملفات الخلافية. وهذا الامر لا يزعج رئيس الحكومة الذي يرغب صدقاً في أن تُحيَد حكومته عن الملفات الخلافية السياسية وتُترك فقط لتسيير شؤون البلاد والعباد.

– الحوار في مثل هذه الحال، أوجد مساحة واسعة للنقاش من خارج ترتيب جدول اعمال طاولة الحوار الوطني. فإذا كانت تلك الطاولة محكومة بالرئاسة بندا أول، ومن ثم تفعيل المجلس النيابي وثالثا تفعيل الحكومة، فإن الحوار الرديف نجح في القفز على هذا الترتيب وبحث في قانون الانتخاب وفي آلية عمل الحكومة وفي التسوية المقترحة لترقية الضباط، في حين أبقى النقاش العقيم حول الرئاسة في دائرته المفرغة.

– بدا من النقاش الضيق الدائر حول قانون الانتخاب أن ثمة نواة للتسليم باعتماد مبدأ النسبية، وأن استمرار الحوار يؤدي في مكان ما إلى إيجاد مساحة حول تفاهمات مشتركة قد تفضي في نهاية المطاف إلى قانون للإنتخاب، يصبح جاهزا متى حانت ساعة إنضاجه.

– إن حصر النقاش في المسائل الاساسية بمجموعة ضيقة من الاقطاب يسهل التفاهم على التسويات وعلى الاخراج اللائق لها، كما يفتح الباب أمام المقايضات كما حصل تماما مع مسألة ترقية الضباط، اذ رفض رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة تقديم أي تنازل مجاني لحساب ترقية العميد شامل روكز التي تصب في رصيد العماد عون، من دون تحصيل مكاسب في المقابل لمصلحة رئيس الحكومة ودعمه في ممارسة صلاحياته في رئاسة الحكومة، المغتصبة في جزء منها لناحية وضع جدول الاعمال وإدارة الجلسة وآلية اتخاذ القرارات.

– لكن المفارقة أن الحوار الرديف كشف جانبا من الموقف “المستقبلي” الملتبس على الخصوم. إذ جاء موقف السنيورة من تسوية روكز ليخالف ما كان تم التوافق عليه في الحوار الثنائي بين التيار الازرق و”حزب الله”. وهذا الالتباس دفع الخصوم الى التساؤل عما إذا كان مرده إلى توزع أدوار أو افتقار التيار إلى موقف موحد صادر عن زعامة واحدة، علما أن في اوساط التيار من يفسر موقف السنيورة بأنه ليس خروجا عن قرار التيار وإنما محاولة لرفع السقف وتحقيق مكسب لئلا يأتي التنازل، كما في غالبية الاحيان، مجانياً.