Site icon IMLebanon

ما مصلحة عون ونصر الله في قيادة البلاد إلى المجهول تحت شعارات تغيير النظام وإسقاط الحكومة؟

إذا كان اصحاب حملة ” طلعت ريحتكم” قد عبروا على طريقتهم عن وجع الناس وتراكم الازمات التي يعيشون تحت وطأتها عبر النزول الى الشارع والاعتصام والتظاهر، فإن رد الفعل الامني من جهة والاستغلال السياسي من جهة أخرى، كشفا الوجه الحقيقي للأزمة وعبّرا بأسوأ الطرق عن الاهداف التي أُخذت اليها الحملة. فلم تعد المسألة مسألة نفايات بل باتت مسألة إسقاط نظام وحكومة ومجلس نيابي.

ثمة من ركب موجة الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة عبر فشلها الذريع في معالجة أزمة النفايات، فنجح في قيادة التظاهرة المطلبية والسلمية الطابع أساساً، نحوتغيير النظام والمطالبة بإسقاط الحكومة والمجلس النيابي.

لم يعد المطلب حل أزمة النفايات إذاً، بل أصبح قلب الطاولة على كل اللاعبين، وخصوصاً بعدما بدا من التعامل مع الملف الحكومي اولاً وملف النفايات من ضمنه، أن ثمة تكتلا سياسياً داعماً لرئيس الحكومة يضم رئيس المجلس نبيه بري ورئيس “اللقاء الديموقراطي” وليد جنبلاط، إلى جانب رئيس “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري، فضلاً عن “القوات اللبنانية” والكتائب واللقاء التشاوري بزعامة الرئيس ميشال سليمان، يهدف إلى تفعيل الحكومة وإطلاق يدها في تسيير شؤون البلاد، في ما بدا بمثابة عزل لرئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون، ومن ورائه إضعاف “حزب الله”.

مؤشرات كثيرة تجمعت لدى عون ليشعر بالعزل وليشد على حليفه “حزب الله” لدفعه وإستدراجه إلى الموقف العلني للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وفيه أن عون “ممر إلزامي للرئاسة”.

أبرز هذه المؤشرات، تمثل في الدفع نحو تفعيل الحكومة وتجاوز مطالب عون إن في مسألة آلية العمل الحكومي أو في قرار التمديد العسكري أو في إتخاذ قرارات والسير بها من دون توقيع وزيريه في الحكومة.

لم تتراجع المؤشرات، بل إرتفعت نسبة الالتباس حيال كلام السيد، وكأن الرسالة لم تكن كاملة الوضوح، مما إضطره إلى مزيد من التفسير. لكن المؤشرات ظلت على وتيرتها، بل ذهبت الى الأبعد من خلال محطتين:

– الاولى دعوة رئيس الحكومة الى جلسة تعقد الخميس المقبل، وقد ارفقت الدعوة بجدول اعمال من 39 بنداً عكس نية سلام تخصيص الجلسة للبحث في البنود الواردة على الجدول، مغفلا الامور التي عُلقت من أجلها جلسات الحكومة لأسبوع، وهي مسألة التمديد العسكري وآلية العمل الحكومي.

– سبق تسلم الوزراء دعواتهم الى الجلسة تحويل رئاسة الحكومة نحو 60 مرسوما موقعة من 18 وزيراً لنشرها في الجريدة الرسمية، مما أكد عزم سلام على المضي في قرار تفعيل حكومته رغم الاعتراضات العونية على هذا التدبير.

وللمفارقة أن هذين الاجراءين سبقا التحرك السلمي لحملة “طلعت ريحتكم”، وهو ما أدى إلى إخراج التحرك عن مساره، مستفيداً من الأوامر المعطاة مسبقا للقوى الامنية لتكون في أعلى مستوى من الجهوزية للرد على المتظاهرين. وهو ما حصل عندما أخرجت العناصر المولجة حماية السرايا خراطيم مياهها وقنابلها المثيرة للدموع وذخيرتها الحية لتطلقها بعنجهية على صدور المتظاهرين، مضيفة الى سجل الفشل الحكومي الذريع في معالجة ملف النفايات سقوطاً مريعاً للأمن في شوارع العاصمة وفي وجه أبنائها. وما الكلام الذي أطلقه العماد عون رداً على المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة، وقبله الرئيس الجديد لـ”التيار الوزير جبران باسيل من ساحل الشوف والاقليم، الا مؤشر واضح لما ينتظر جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل.

فعون أكد من جهته أن “مؤتمر العجز المقيم والاحتواء العقيم لن يمر من دون رد مناسب في مجلس الوزراء وخارجه”، فيما كشف باسيل في كلامه القطبة المخفية في تحرك الشارع عندما أكد النزول الى الشارع.

ورأت مراجع سياسية بارزة في الموقفين المذكورين، معطوفين على مواقف “حزب الله”، ان الحزب الذي إتخذ قراره بمنع كسر عون، وجه من خلال التحركات الاخيرة رسالة واضحة الى الحكومة والقوى السياسية الداعمة لها، مفادها ان قرار عدم إسقاط الحكومة لا يلغي قرار تعطيلها وإسقاط هيبتها في الشارع.

وعليه، لا تستبعد المراجع ان تكون الجلسة الحكومية ساخنة جداً ومحرجة جداً لرئيس الحكومة الذي كشف في مؤتمره الصحافي الاوراق وخرج عن قواعد اللعبة، فبات أمام أمرين يتطلبان قدرة كبيرة من الجرأة والحسم: إما إتخاذ القرار وتفعيل الحكومة، مدعوما بالمكونات السياسية التي تقف الى جانبه، وإما الاستقالة وتحويل الحكومة الى تصريف الاعمال.

لكن المراجع المواكبة للحركة السياسية تبدو شبه واثقة بأن سلام ليس في نيّته الاستقالة، وإن كان لوح بها، وهو لن يتراجع عن تفعيل حكومته ومعالجة الملفات العالقة وفي مقدمها ملف النفايات.

ولكن السؤال: ماذا سيفعل عون؟