–
سبحان مغير الاحوال، كيف كان شيعة لبنان يمتعضون من عبارة «ايران الفارسية» وهم الان يرون ان التسمية تليق بالفارسية الايرانية، لانهم في خطها السياسي والمذهبي، ولان ورقتها رابحة ومسموعة في لبنان والمنطقة العربية بعكس ما كان سائدا في بدايات «حكم الائمة» حيث عصفت بايران حرب مدمرة من خلال الصراع على النفوذ بينها وبين عراق صدام حسين الذي ذهب غير مأسوف عليه بعد حرب مدمرة بين البلدين استمرت لسنوات؟!
وقد وصف الوزير محمد فنيش تلك المرحلة بانها كانت بمثابة وقفة صمود والعيش بعنفوان وشموخ من غير ان تنكسر ارادتها (يقصد ايران) بل حول كل هذه التحديات والمرارات الى تجربة وعصارة عمر ربى من خلالها ابناءها على ثقافة «الاستعداد للعطاء وبذل النفس دفاعا عن الحق وصونا للحرية والكرامة»، هذا قبل ان يصل «عصر العنفوان الايراني الى لبنان وبعض المناطق العربية»!
ومهما قاله الوزير فنيش «ان مسيرة طويلة مرت في تاريخ هذا الوطن حيث لم يكن الانسان الشيعي يشعر بالطمأنينة لا في بيوتنا ولا في قرانا (…) وقد تعلمنا كيف نصبر على الابتلاء ونواجه التحدي ونقتدي بسيرة ائمتنا التي هي رسالة الرسالة والنبي وسيرة علي في عدالته وانحيازه الدائم للحق من دون مساومة وتهاون وتراجع ونقتدي بالحسين رافضا لبيعة الحاكم الظالم الجائر».
ان التعلق برسالة النبي والارتباط بسيرة اهل البيت من الامور المحببة في الاسلام «حتى نشأ جيل من المجاهدين صنع العزة لامتنا» كما سجلت (يقصد المقاومة) مكانة ودورا وانتصارا على اعتى قوة في الشرق الاوسط وهزمت اسرائيل التي كادت ان تصبح اسطورة وكدنا ان نصدق اننا امة لا تعرف الا الهزيمة (…) وان الهزيمة هي قدرنا».
مشكور معالي الوزير في تركيزه على ايران من جهة وعلى المقاومة من جهة ثانية، الامر الذي جعله يتناسى ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، ليس لانه تناسى كل ذلك، بل لان زلات اللسان تكاد في بعض الاحيان تصحح الخلل في الكلام على المقاومة وعلى ايران الفارسية الاسلامية، خصوصا ان «العدو الاسرائيلي بات يشعر بمعادلة الردع وبات يضيق بقدرة المقاومة على محاصرة دوره (…)».
وشدد فنيش على انه لا يمكن لاحد ان يعيد شعوبنا (لم يحدد من هم) الى مرحلة الاستعباد والخضوع «فهذه مرحلة قد مضت بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران (…) مع تجربة المقاومة في لبنان ومع الصمود الرائع في سوريا وهزيمة المشروع الاميركي في العراق»، حيث لا يمكن لاحد ان يعيد عجلة الزمن الى الوراء، «لان هذه الشعوب قد عرفت معنى الحرية وادركت قيمة نهج المقاومة وهي اليوم منخرطة في هذا المشروع مهما طال الزمن».
هذا الكلام من جانب وزير حزب الله محمد فنيش يحتاج الى توضيح والى سؤاله عن الحروب التي خاضتها ايران وربحتها، باستثناء المقصود من حركة المعارضة في البحرين ومن ثم في اليمن، حيث يستحيل القول ان الايرانيين قد ربحوا الحرب هناك، طالما ان الامور عالقة في البحرين وفي اليمن ما يعني ان الجمهورية الفارسية الايرانية لا تزال معلقة في البحث عمن يدعم حربها غير المعلنة في البحرين وفي اليمن من جانب الحوثيين، لاسيما ان ثمة من يجزم بان البحرين غير مرشحة للسقوط في يد المعارضة الشيعية، والامر عينه ينطبق على الشيعة الحوثيين الذين لم يثبتوا قدرتهم على مواجهة المتغيرات العربية وهكذا بالنسبة الى ايران الفارسية؟!
عندما كان يقال عن «ايران الفارسية» كان البعض يعلن امتعاض الشيعة من التسمية، وهذا لا بد وان يعود الى سابق عهده لان ايران لم تربح حربا لا في سوريا ولا في البحرين ولا في اليمن، والانكى من هذا ان امورنا عالقة بما عليها تقديمه من تنازلات للاميركيين في ملفها النووي وهناك من يشير الى ابعد من ذلك عند الاعلان عن سقوط ثورة الحوثيين التي تبنتها ايران من قبل ان تقطف ثمارها جديا؟!
صحيح، ان ايران قد طورت قدراتها السياسية والاعلامية، لكنها لم تثبت الى الان انها اصبحت ناضجة عسكريا قياسا على من تناهضهم واخر هؤلاء القوى العربية في اليمن، اضافة الى ما قد يطرأ من تطورات لن تصب في مصلحة ايران مهما اختلفت الاعتبارات؟