Site icon IMLebanon

ماذا وراء مساعي سلام لتعديل آلية الصلاحيات؟ تأجيل البحث حتى نضوج المشاورات والتوافق على البديل

منذ شغور موقع الرئاسة الاولى في 25 أيار الماضي، أي قبل نحو 9 أشهر، ومسألة إنتقال صلاحيات الرئاسة إلى مجلس الوزراء مجتمعاً تقض مضجع رئيس الحكومة تمام سلام نتيجة ما تثيره آلية العمل التي تم التوافق عليها بين المكونات السياسية للحكومة من إنعاكاسات سلبية على العمل الحكومي.

لا يخفي سلام إنزعاجه من الممارسات الحكومية داخل حكومته التي حولت أعضاءها منذ 25 أيار 2014، إلى “سوبر وزراء”، لكل منهم حق الفيتو على أي مشروع او مرسوم يُطرح على جدول الاعمال، مما يؤدي إلى تعطيل القرار حتى لو صدر بالاكثرية. ذلك ان آلية العمل المتفق عليها تقضي بأن يوقع الوزراء الـ 24 بالوكالة عن رئيس الجمهورية كل قرار يصدره المجلس، وإذا تمنّع أحد الوزراء يجمد القرار.

ظلت شكاوى سلام ضمن الغرف الضيقة حتى ضاق الرجل ذرعاً بعدما تبين له عدد القرارات التي علقت نتيجة رفض وزير أو اكثر التوقيع، وتأثير ذلك على فاعلية الحكومة وإنتاجيتها.

مقابل ذلك، بدأ همس يدور في اوساط سنية عن ان تساهل سلام وتفهمه للظروف الدقيقة للبلاد بدأ يؤثر على موقع الرئاسة الثالثة، إنطلاقا من إقتناع هذه الاوساط أن تطبيق الآلية ينتقص عملياً من صلاحيات رئيس الحكومة ويؤدي الى تعداده واحداً من 24 ( هو عدد أعضاء الحكومة).

لا يخفي سلام كذلك إنزعاجه من غياب رئيس الجمهورية، وهو لا ينفك يكرر أمام زواره أن الوضع في البلاد، كما العمل المؤسساتي بوجود الرئيس كان أفضل. فرغم أن صلاحيات وضع جدول اعمال مجلس الوزراء منوطة برئيس الحكومة، وليس لرئيس الجمهورية الا طرح مواضيع من خارج الجدول إذا إرتأى ذلك، كان رئيس الحكومة، بوجود الرئيس، على تواصل وتنسيق وتفاهم معه في كل المواضيع المطروحة. وكان جدول اعمال كل جلسة يوضع بالتشاور بينهما. وكان ترؤس رئيس الجمهورية للجلسات يسهل إدارتها ويساهم في تدعيم وجهة نظر رئيس الحكومة داخل المجلس. أما وقد شغرت الرئاسة الاولى، فقد تحولت ممارسة الوزراء داخل مجلس الوزراء إلى إستقلالية مطلقة تخول كل واحد منهم طرح بنود من خارج الجدول، وإن كانت صلاحية طرحها تعود إلى رئيس الحكومة ( خلافا لواقع الحال مع رئيس الجمهورية).

قبل نحو أسبوعين، قرر سلام الخروج عن صمته، بعدما بلغ تمادي بعض الوزراء في تعطيل الجلسات ومقرراتها حداً بات يهدد الحكومة. وبالفعل ، بدأ رئيس الحكومة جس نبض القوى السياسية للوقوف عند رأيها في تعديل آلية العمل.

كان ينتظر ان يطرح الموضوع على جلسة مجلس الوزراء أمس. لكن رئيس الحكومة آثر التريث في ذلك. وبحسب المعلومات المتوافرة من داخل الجلسة، فإن سلام أبلغ الوزراء في مستهلها انه لن يتحدث في الموضوع، كاشفاً عن نيته إستكمال مروحة الاتصالات التي بدأها مع عدد من المكونات السياسية للحكومة. وعزت مصادر وزارية مطلعة تريث سلام إلى عدم نضوج الآلية والحاجة إلى مزيد من التشاور، وخصوصا أن رفض اي فريق للتعديل المقترح سيؤدي إلى إحراج رئيس الحكومة وإرباكه بعدما سار بالآلية الحالية نزولا عند رغبة بعض القوى وخلافا لرأي وزراء كانوا ضد إعتمادها، وفي مقدمهم الوزيران بطرس حرب ورمزي جريج، إنطلاقا من خلفيتهما القانونية. والواقع أن حرب كان بادر في الجلسة امس الى دعوة القوى السياسية الى إنتخاب رئيس للجمهورية لتفادي إشكالية البحث في آلية تولي صلاحياته. وتتركز حركة المشاورات الجارية حاليا على إيجاد مخرج للآلية المعتمدة تُخرج رئيس الحكومة من أسره حيالها وتعيد إلى مجلس الوزراء فاعليته وإنتاجيته.

لا تستبعد المصادر الوزارية ان يطرح الموضوع في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء. وعلم أن التعديل المقترح على الآلية الحالية يقضي بالعودة عمليا إلى آلية عمل مجلس الوزراء، بحيث يتم اعتماد الثلثين في القرارات التي تتطلب ذلك، والا بالنصف زائد واحد. اما المراسيم التي تصدر عن الوزراء ولا تحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، فتحول إلى المجلس ليوقعها بوكالته عن توقيع رئيس الجمهورية.

وتبقى المسائل الميثاقية التي يجري التفاهم عليها بين القوى السياسية، كما هو حاصل أساسا وحتى بالنسبة إلى الملفات الدقيقة. وقد أبرز مجلس الوزراء نجاحا في تجاوز الملفات الملغومة بحيث دان حيث يجب الادانة ونوه حيث يجب التنويه ورفع الغطاء حيث يجب رفعه وأمنه حيث وجب تأمينه، فيما بقيت الامور الخلافية خارج طاولة الحكومة!