IMLebanon

ماذا وراء تهديد “داعش” للحريري وجعجع وجنبلاط؟

أرادَ تنظيم “الدولة الاسلامية” في القلمون أن يتجه نحو الاحتراف في اصداراته لكنه فشل، والفيديو الذي نقله عبر الشيخ وسام المصري إلى الإعلام اللبناني وأطلّ فيه داعشيون يوجهون رسالة إلى “حلفاء فرنسا في لبنان”، ويهددون بقتل ثلاثة من العسكريين المخطوفين، الدليل على ذلك.

في الشكل، يظهر ثلاثة “داعشيين” عبر الفيديو، خلفهم جرود وتلال، يتوسطهم المتحدث الذي حاول أن يؤديَ دور “الداعشي” المقنع صاحب اللهجة البريطانية، أكان بارتدائه اللون الأسود أو القناع وحمّالة مسدس او بحمل الخنجر بيده، لكن الفارق أنه تحدث باللغة الفرنسية غير الأصلية، إذ رجح البعض أن يكون جزائريا او تونسياً. يضع هؤلاء سكاكينهم على رقاب ثلاثة من العسكريين المخطوفين يرتدون الزي نفسه بلون أزرق، هم: محمد يوسف، سيف ذبيان، علي الحاج حسن، يركعون أمامهم.

45 ثانية، التقطت بكاميرا واحدة ثابتة في الزاوية نفسها، لا مؤثرات صوتية، لا تغيير في المشهد. لا بيان ولا مقدمة أو عنوان للفيديو ولا آيات قرآنية ولم يحمل التسجيل اي “لوغو” داعشي، اسم الولاية أو شعار التنظيم مثلاً. جميعها دلائل على فشل “الدولة الاسلامية” في القلمون في تقليد قيادتها، إذ بدا واضحاً الضعف في الامكانيات التقنية، فضلاً عن الضعف في نشر الفيديو. لم يصدر الفيديو عن أي قناة إنتاجية، ولم نشهد تداول الفيديو بين أنصار “داعش” على “تويتر” او “فايسبوك” وظلّ مقتصراً على تغريدات وسائل الاعلام اللبنانية والمتابعين.

في المضمون، وجه المتحدث بالفرنسية رسالة تهديد إلى الرئيس سعد الحريري، النائب وليد جنبلاط، ورئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع لاعتبارهم “حلفاء فرنسا” وقال بلغة تهديدية: “اسمعوني جيّداً، الدولة الإسلامية في حالة حرب ضد حزب الله، الذي يتدخل في شؤون المسلمين في الشام، وقتل نساءنا وأطفالنا. أنتم حتماً مجرمون، لكنكم أضفتم الى جرائمكم، من خلال تعاونكم مع حزب الله، وتحويلكم الجيش الى مجرد دمية في يد الحزب، يستهدف أهل السنّة.

أنتم اذاً المسؤولون الوحيدون عن مستقبل مواطنيكم. مصيرهم، حياتهم او موتهم، رهن بقراركم”. لتنقل بذلك، قضية المخطوفين من اطلاق سراح مقابل مقايضة إلى الابقاء على حياتهم مقابل تحديد مسار السياسة في لبنان.

من دفع المصري لتأدية هذا الدور؟

تسجيلٌ جديدٌ يطرح المزيد من التساؤلات في هذا الملف “الأعوج”، والتساؤل الأول عن توقيت تدخل الشيخ المصري في الملف، إذ اقتصر تصريحه لـ”النهار” على انه “يبحث عن الأفعال وليس الأقوال، وهمه أرواح العسكريين”، وتوقفت مصادر إسلامية متابعة للملف عند دور المصري، مذكرة بأن “جبهة النصرة، أكان عبر إحدى وكالات الانباء أو قنواتها لم تفوّض المصري ولا علاقة لها فيه، أما داعش فبحسب اعلاميين يتواصلون معها، فهي لم تفوّضه، بل زار المصري الجرود بناء على الحاحه من أجل حل المشكلة”، متسائلة: “من دفع المصري إلى هذا التصرف؟”.

الهدف

وتعتبر ان “الهدف من دفع المصري إلى لعب هذا الدور هو قطع الطريق على هيئة العلماء المسلمين، وكي يكون الاعلام موجهاً نحو المصري وليس الهيئة، وتم اللعب عبر المصري وأدى هذا الدور”، غامزاً من قناة قرب الأخير من “حزب الله”.

ترد المصادر على مضمون الفيديو، موجهة رسالة حادة إلى “داعش” بالقول: “أنتم السبب في تشدد الجيش اللبناني في تصرفاته، خصوصاً عندما دخلتم إلى عرسال وارتكبتم الجرائم في حق الجيش”، وتضيف: “هم السبب وعليهم أن يلوموا أنفسهم قبل لوم جعجع والحريري وجنبلاط”.

المصادر غير متفائلة، وموقفها لا يزال نفسه: “يبدو أن لا أحد يريد التفاوض، لا داعش ولا النصرة ولا الحكومة للأسف، ويا حرام على الجيش والعساكر والأهالي الذين يدفعون الثمن”، وتتابع: “يستخدمون القضية كورقة ضغط، فداعش لديه مصالح ومن مصلحته الابقاء على حجز العساكر والنصرة أيضاً، إلى ان باتوا يتدخلون بالحياة اليومية في لبنان”، مشددة على أن “الحل بأن تضغط الحكومة وتنهي الملف حتى لو كان بالمقايضة”.

القوات”: أين نتعاون مع “حزب الله”؟

“النهار” تواصلت مع الجهات المستهدفة في الفيديو، ووضعتهم في جو الفيديو، فوصف عضو “القوات” النائب إيلي كيروز رسالة داعش بـ”المنطق غير السليم”، مذكراً بأن “موقف القوات اللبنانية و14 آذار واضح، ومن اليوم الأول ونقول ان حزب الله لا يجب ان يتدخل وندين ذلك، وندعو يومياً إلى انسحابه، ونقول ان تدخله يجر الويلات إلى لبنان”. وسأل: “ما الذي نتعاون فيه مع “حزب الله”؟ ويتابع: “لدينا موقفنا الأساسي من سلاح الحزب وندعو دائماً إلى تسليمه للدولة ولم نشارك في الحكومة مع حزب الله”.

المستقبل”: إذا توقف الحوار يطلق العسكريين فليكن

بالنسبة إلى عضو المكتب السياسي في “تيار المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش، فإن “عودة العسكريين إلينا هي الأهم”، ويقول تعليقاً على مضمون الفيديو: “هذه المجموعة الاجرامية تحاول العبث بالخصائص اللبنانية واللعب على الوتر الطائفي وهي بذلك تدعم حزب الله، من خلال الوحشية التي تؤديها، لأن ذلك قد يعطي الانطباع بأن الحزب كان على حق في دخول سوريا لمواجهتها”.

وبالنسبة إلى اتهام الجيش باستهداف السنة، يقول علوش: “تيار المستقبل أخذ خياره الوطني وهو أعلى من الخيار المذهبي والطائفي ويعتبر أن الدفاع الحقيقي عن أهل السنة في لبنان هو في حمايتهم من التطرف والمتطرفين والتزامه الكامل بمسار الدولة الجامعة كما ان مصلحة الشيعة والمسيحيين وكل الطوائف تكمن في نبذ السلاح غير الشرعي والتوحد داخل لبنان تحت شعار الدولة لمكافحة كل أنواع التطرف”. ويرى في رسالة داعش “التحريض أولاً، لأن هذه المجموعة أثبتت في مسارها ان عدوّها الأول قبل الطوائف الاخرى، هو السني المعتدل صاحب التوجه الوطني والمدني”.

قد يحلل البعض ان الفيديو رسالة واضحة لضرب الحوار بين “حزب الله” و”المستقبل”، فهل انتم مستعدون لوقف الحوار من أجل المخطوفين؟ يجيب علوش: “إذا كان وقف الحوار يطلق سراح المخطوفين ففي رأيي ان على حزب الله أيضا أن يعتبر هذه القضية مهمة، وحياة أبنائنا المخطوفين هي الأوْلى، لكن من الواضح ان هذه المجموعة تبتز المجتمع اللبناني وتحرض ضد تيار المستقبل”.