على عكس ما كان متوقعا لم «يقلب» رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد عون الطاولة الحكومية ولا جلسات الحوار مثلما كان يحلم تيار المستقبل وليؤكد وفق مصادر بارزة في التيار الوطني الحر انه قادر على تجيير انصاف الفرص لمصلحته. وتشير هذه المصادر الى ان العماد عون لم يكن يسعى ولم يسع يوما منذ عودته الى لبنان في العام 2005 لا الى الشعبوية ولا الى السلطة لانه يعتبر ان الشارع والجمهور اعلن خياراته بشكل واضح وصارخ منذ انتخابات العام 2005 وجدد هذا التفويض في العام 2009 رغم كل ملايين المال النفطي التي صرفت لمحاصرتنا واسقاطنا في صندوقة الاقتراع. وتؤكد المصادر نفسها ان العماد عون اطلق في اطلالته التلفزيونية الاخيرة الموقف الواضح والصريح مما يجري وحدد خريطة الطريق لاي حل في مجلس الوزراء ومجلس النواب فلا عودة الى المشاركة مع «فئة ضالة» عن الدستور والقوانين وتريد التذاكي والالتفاف على الشعب وإرادته الحرة وخياراته السياسية عبر تهميش ممثليه وقضم حقوقهم بالتدرج والهيمنة على حقوقهم المكتسبة والمشروعة. وهذه الفئة تعتقد واهمة انه يمكنها ان تشتري الذمم والضمائر من جهة وعندما تعجز تلجأ الى لعبة فتح المعارك الجانبية وتلعب لعبة العصا والجزرة مع كل من يخالفها وتشعر انه عقبة في وجه مشروعها.
وتضيف المصادر اثبت العماد عون منذ الـ2005 انه عصي على العصر والكسر ولا يمكن شراؤه بالمال السعودي والخليجي ولا ترويعه بآلة الحرب الاميركية والاسرائيلية ولا تغيير قناعاته السياسية التي ترتكز على الشرعية الشعبية والتفويض الممنوح من صندوق الاقتراع. لذلك هو عارض التمديد لمجلس النواب وعارض وتصدى لكل مصادرة لقرار وارادة الناس والحق الطبيعي بتجديد التفويض او سحبه وكذلك تداول السلطة وتداول المناصب لموظفي الفئة الاولى وإعطاء حق كل عامل وكل موظف. وتتابع اتهام العماد عون بالطائفية والمذهبية والتصدي فقط لهموم ومطالب المسيحيين امر مردود لسبب بسيط لان كل ما يعاني منه المسيحيون يعاني منه اللبنانيون الاخرون من الماء الى الكهرباء الى فضيحة النفايات الى مصادرة الحقوق السياسية وتعطيل المؤسسات.
على المستوى الميداني تؤكد المصادر ان الخيارات مفتوحة من الشارع والتظاهرات الى استمرار مقاطعة جلسات الحكومة اذا دعا اليها رئيسها تمام سلام باستثناء جلسة مخصصة لملف النفايات والتي يحضرها وزراء التكتل اذا شعروا ان هناك جدية وسعيا حقيقيا لوقف هذه المهزلة وليس «التنمير» والمزايدة والشعبوية الرخيصة والمفضوحة.
وتلفت الى ان حضور جلسات تشريع الضرورة بات ممكناً في ظل طرح قانون استعادة الجنسية وبشكل معجل مكرر على طاولة هيئة مكتب المجلس النواب بالاضافة الى رغبة العماد عون في قطع الطريق على كل من يتهمنا بالعرقلة والتعطيل ولان المصلحة العامة تفترض تمرير القضايا الضرورية من بوابة البرلمان.
»الهدوء العوني» على مختلف الجبهات والذي تجلى في حضور العماد عون جلسة الحوار امس الاول تقرأ فيه اوساط 8 آذار نضجا سياسيا وحكمة من العماد عون الذي بات متيقناً ان تيار المستقبل وحلفاءه لا يملكون قرارهم وسيسعون جاهدين لتعطيل كل الحلول طالما ان من يراهنون عليه ولا سيما السعودية لم تحقق اي مكتسبات على طول الجبهات العربية والاقليمية المفتوحة من اليمن الى سوريا. ولا تخفي الاوساط ان التشاور بين حزب الله ومكونات 8 آذار والتيار الوطني الحر افضى الى تفاهم ينص على التمسك بحماية لبنان ومؤسساته وما تبقى منها ومنع تسرب الفوضى اليه من خلال ممارسات المستقبل الفاقد للاتزان في هذه اللحظة المصيرية وبات في حالة هستيرية بعد نجاح محور المقاومة والممانعة في ارساء معادلات جديدة في المنطقة ويجابه كل مخططات التكفير والانقسام والفتنة بكثير من الحزم والحكمة. فاستراحة المحارب العماد عون الظاهرة في حركة التيار الوطني الحر ترجعها الاوساط الى قراءة مشتركة وهي حصيلة سلسلة من اجتماعات التشاور لمنع انفجار البلاد من بوابة الملف الاجتماعي – الاقتصادي وجعله على شفير الافلاس المادي اذا تعطلت كل هذه الملفات الحياتية والضرورية الهامة. فعلى جبهة الحكومة حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر والمردة والطاشناق لن يتركوا الحكومة ولن يساهموا باسقاطها رغم كل الارتكابات الشنيعة التي يقوم بها الفريق الاخر وكذلك محاولة الوصول الى مخارج وتنفيس الاحتقان من خلال الحوار لانه السبيل الوحيد حاليا للوصول الى تفاهمات جزئية وعلى القطعة في اكثر من ملف كي لا يبقى البلد رهينة الانتظار ومراهنات المستقبل وحلفائه الذين يسعون اليوم الى تطيير الحكومة والحوار وكل المشاريع الضروري اقرارها في مجلس النواب تحت ذريعة انتخاب الرئيس على مقاسهم ويشبههم والا فالتهمة بالتعطيل جاهزة في الظاهر وفي المضمون يمارسون كل وسائل «التشبيح» والاحتيال السياسي للسيطرة على مقدرات البلد ومؤسساته.