وصول عون يدشن «نسخة» جديدة من اتفاق الطائف
ما هو خيار «حزب الله» و«أمل» في مواجهة «الستين»؟
برغم طغيان الطابع الطائفي على الحرب الأهلية اللبنانية، إلا أن ذلك لا ينفي مضمونها الاجتماعي. اليوم، ليس الانقسام القائم في البلد طائفيا، بل هو انقسام سياسي بامتياز ولو حاول البعض تغليفه بعناوين طائفية سعيا للتحشيد والشعبوية، وهي بضاعة كاسدة ومنتهية الصلاحية.
لكأن ما حصل قبل 40 عاما يراد له أن يتكرر اليوم. لا ثنائية مسيحية مثلما لا ثنائية شيعية، بل كباش سياسي في محاولة كل طرف صياغة خارطة طريق في ظل «النسخة الثانية للطائف».
تتمثل القضية الأساس على هذا الصعيد في ماهية القانون الذي ستجري الانتخابات النيابية المقبلة على أساسه. ويبدو «الثنائي الشيعي» تحديدا في صراع مع الوقت في ظل المواعيد الانتخابية الداهمة.
والواقع ان هذا «الثنائي» في موقع لا يحسد عليه. من جهة، يرفع شعار النسبية أو القانون المختلط، ومن جهة ثانية يضعف موقفه كلما تأخر تشكيل الحكومة لمصلحة الإبقاء على قانون الستين، فإذا تعذر التوصل الى قانون جديد، سيكون امام خيار القبول بالستين، واذا عارض القانون، ستبرز مشكلة تأجيل الانتخابات أو اللجوء الى التمديد وبالتالي تحميله تلك المسؤولية سياسيا وشعبيا!
ويقول المتابعون ان «الثنائي الشيعي» سيخوض معركة سياسية كبيرة في محاولة للتخلص من قانون الستين، لكن البعض يبدي خشيته من القبول بـ «أبغض الحلال» والسير بهذا القانون، وهو أمر يقول المتابعون انه سيكون شرا لا بد منه في نهاية المطاف، ما يعني تسجيل سعد الحريري هدفا ذهبيا في مرمى هذا «الثنائي»، في ظل شهية مارونية مفتوحة على «الستين» تحت ظلال تفاهم معراب!
على ان المتابعين يسألون، في حال التوصل الى هذا الامر، عن جدية وعود رئيس الجمهورية الاصلاحية وصولا الى استنتاج مفاده ان «العهد» سيكون قد فشل بذلك في أول استحقاقاته، وهو ليس بالاستحقاق الهامشي كونه يعيد تكوين السلطة بتوازناتها الجديدة.
في ظل كل ذلك، يتساءل المتابعون عن الموقف الحقيقي للحريري ربطا بالتشكيل المتعثر للحكومة. لماذا لا يبادر الى حل عقد التأليف؟ وكيف يقبل بضياع الوقت بينما تقبل البلاد على عطل الأعياد من دون بوادر حل حكومي؟
ويشير هؤلاء الى ان خطة لـ «كسب الوقت» يقوم بها الحريري في سبيل حشر بري و «حزب الله» في الزاوية، ريثما يضغط استحقاق مهل الانتخابات، فيسير الجميع بقانون الستين.
إذاً، يبدو «الثنائي الشيعي» في موقع المستعجِل في بت قانون الانتخابات، في الوقت الذي لا يملك فيه أوراقا لمنع حصول المحظور، بينما تنتفي المبادرات الجدية لحل أزمة تأليف الحكومة.
وقد بات من الواضح ان الكباش الحاصل اليوم يختصر موازين القوى للمرحلة المقبلة. فبعد مرحلة يصنفها المسيحيون بـ «الإحباط» طبعت مرحلة ما بعد العام 1992، لم تجد حلا مع الانسحاب السوري في العام 2005، يبدو المسيحيون اليوم في فترة نشوة مع وصول من يعبر عن وجــدانهم الشــعبي الى رئاسة الجمهورية.
في المقابل، ثمة من يرى ان وصــول عون الــى الرئاســة قد دشن «نسخة» جديــدة من اتفاق الطائــف، من دون ان يعني هذا الامر ان طائفا جديدا قيد التبلور، ناهيك عن ان مرحلة ما قبل الطائف قد باتت من الماضي.
ويشكل عنوان «توازن السلطات» أساس هذه المرحلة، بنظر المتابعين الذين يدعون الى عدم الاستخفاف بالمعارك التي يخوضها رئيس المجلس النيابي، ومنها معركة الإبقاء على وزارة المال في عهدة الطائفة الشيعية، وهو الامر الذي يشكل أهمية جوهرية بالنسبة الى الشيعة الذين ظفروا بهذا الإنجاز (التوقيع الثالث) في اتفاق الطائف.
ويلفت بعض المتابعين النظر الى ان دعوة رئيس المجلس في فترة ما قبل انتخابات رئاسة الجمهورية، الى سلة متكاملة للحل، لم تأتِ من فراغ. هنا بالضبط، يخشى كثيرون ان يؤدي عدم الاتفاق على تلك السلة الى مشاكل كبرى في البلاد، سيدشنها قانون «مجحف» للانتخابات يؤدي الى تكريس المظلومية السياسية ويفتح ابوابا امام المزيد من الاستنزاف للبلاد.