بعدما استبقتها الأطراف بصبّ الزيت على النار ورفع وتيرة الإحتقان
ماذا يُرتجى من ثلاثية الحوار على وقع اللهيب الإقليمي المتصاعد؟
ثمة تساؤلات عديدة تُطرح عن مدى قدرة ثلاثية الحوار التي تبدأ اليوم وعلى مدى ثلاثة أيام في مقر الرئاسة الثانية، برعاية مدير الحوار رئيس مجلس النواب نبيه بري، في الخروج بنتائج إيجابية قد تفتح ثغرة ولو صغيرة في الجدار المسدود، ربما تقود إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أو على الأقل التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية، مع أن المعطيات في مجملها تميل إلى الاعتقاد، أن جلسات الحوار ستكون كسابقاتها، لأن المكتوب يُقرأ من عنوانه وهو أن المتحاورين عاجزون عن الخروج من هذا المأزق منذ ما يزيد عن السنتين وشهرين، في ظل اشتداد الاشتباك الإقليمي بشكل غير مسبوق بين إيران والمملكة العربية السعودية والذي ينذر بمزيد من التعقيدات الداخلية قد تطيح بالحوار من أساسه، بعد عودة التراشق الكلامي بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» والذي انعكس تقاصفاً إعلامياً بين قيادتي الفريقين، سيرخي بثقله بالتأكيد على جلسات الحوار ويعقّد الأمور أكثر فأكثر.
ولا تبدي مصادر نيابية مستقلة مشاركة في جلسات الحوار كما تقول لـ«اللواء»، تفاؤلاً بقدرة المتحاورين على تجاوز خلافاتهم على وقع الصراع الإقليمي المحتدم، والسير بمشروع تسوية ولو بالحد الأدنى بشأن الرئاسة وقانون الانتخابات، حيث لكل فريق وجهة نظره التي تتعارض مع وجهة نظر الفريق الآخر، وتالياً فإن الخلاف على الأولويات بين من يريد الانتخابات الرئاسية أولاً وبين من يقدم الاستحقاق النيابي على ما عداه، سيبقى مستمراً، ما سيحكم على هذه الثلاثية بالفشل وإضاعة الفرصة مرة جديدة، إلا إذا استطاع الرئيس بري أن ينتزع من المتحاورين تنازلات تبدو بعيدة، للتوافق على ما أمكن من النقاط الخلافية، بما يضيّق الهوة بين الأطراف المتحاورة من أجل مصلحة البلد وإعادة تفعيل عمل المؤسسات المشلولة والمعطلة، مشددة على أن المواقف العالية النبرة التي سبقت انعقاد الثلاثية، رسمت صورة قاتمة عن مستقبل الأوضاع السياسية في البلد، مع ارتفاع حرارة اللهيب في المنطقة، ما يجعل سقف التوقعات منخفضاً إلى أدنى مستوياته، بعدما أصبحت كل جهة أسيرة مواقفها المتشددة وعاجزة عن اتخاذ القرار المناسب الذي يصب في مصلحة البلد والناس، ومشيرة إلى أن الاستمرار في الخلاف حول هذه الأولويات، سيطيل عمر الأزمة ولن يفسح في المجال أمام أي تقدم في جلسات الحوار التي ما زال البعض ينظر إليها على أنها محطة لتقطيع الوقت، بانتظار تطورات المنطقة وما ستتركه من تداعيات على لبنان ستحدد مصير الاستحقاقات الداهمة، خاصة وأن «حزب الله» تحديداً يراهن على هذه التطورات التي يعتقد أنها ستكون في مصلحته، لفرض أمر واقع جديد على لبنان لن يكون بمقدوره إرغام اللبنانيين على القبول به، باعتبار أن التجارب دلت على وجود استحالة للسير بمشروع يشكل تحدياً للبنانيين، ما يفرض على «حزب الله» عدم المراهنة على متغيرات خارجية قد تصب في مصلحة مشروعه، لأن من مصلحة جميع اللبنانيين الالتزام باتفاق الطائف وعدم المراهنة بأي توجه نحو مؤتمر تأسيسي أو ما شابه، كون ذلك سيقود حتماً إلى تعميق الانقسامات الداخلية ويفسح في المجال أمام بروز موجات جديدة من التطرف والتعصب، تزيد من الشرذمة والتفرقة الداخلية وتنذر بعودة العنف والتقاتل بين اللبنانيين.
وترى المصادر النيابية أن تشعب طاولة الحوار، أفقدها الكثير من زخمها وهي التي عقدت للبحث في موضوع واحد وأساسي وهو الانتخابات الرئاسية، فكان هناك من أراد أن يتشعب حوارها ويخرج في بعض الأمور عن غايتها الأساسية، ما جعل الاستحقاق الرئاسي يراوح، من دون أن تبادر قوى «8 آذار» إلى التجاوب مع مقتضيات الحوار، لناحية الاستعداد للبحث في سبل إنهاء الشغور الرئاسي، بل راحت تماطل كما ظهر من خلال مجريات ووقائع الجلسات السابقة، وتقدم الانتخابات النيابية على مفتاح حل الأزمة والمتمثل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفي أسرع وقت، للخروج من هذه الأزمة.